للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأوس قد أصيب في الغزوة في عرق في ذراعه فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإقامة خيمة له في المسجد النبوي يعالج فيها وهو قريب من منازل رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسهل عليه صلى الله عليه وسلم زيارته والاطمئنان عليه ورعايته.

ودخل صلى الله عليه وسلم بيته فوضع سلاحه وخلع ثياب الحرب ودخل فاغتسل وخرج من مغتسله ففوجئ بجبريل عليه السلام بلباس الحرب على رأسه غبارها رآه واقفا خارج البيت فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعا فقال له جبريل: عذيرك من محارب أي هات من يلتمس لك العذر في سرعة نخلصك من آثار الحرب والحرب لم تنته بعد فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الغبار عن وجه جبريل معتذرا إليه يسأل عن الخطب قال له جبريل: عفا الله عنك وضعت السلاح ولم تضعه ملائكة الله قم فشد عليك سلاحك قال صلى الله عليه وسلم: إلى أين؟ فأشار إلى ديار بني قريظة إنهم الذين نقضوا العهد وتمالئوا مع الأحزاب فحان وقت عقابهم هيا فملائكة الله تسبقكم إليهم.

فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا أن ينادي في الناس: يا خيل الله اركبي. من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة ومن لم يصل الظهر فلا يصل إلا في بني قريظة ومن كان لم يصل العصر فلا يصلين وقته إلا في بني قريظة وتسابق ثلاثة آلاف من المسلمين إلى بني قريظة وكادت الشمس تغرب وهم لم يصلوا بعد إلى ديار بني قريظة وممتلكاتهم فقال بعضهم: نؤخر صلاة العصر حتى نصل الديار ولو للعشاء فقد نهينا عن صلاتها إلا في بني قريظة وقال بعضهم: بل ننزل ونصلي العصر فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرد منا تأخير الصلاة وإنما أراد الإسراع ونفذ كل منهم ما رآه وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعلوا فلم يعنف أحدا من الفريقين فقد اجتهدوا ولهم أجورهم.

وحاصر المسلمون بني قريظة بضع عشرة ليلة ولما اشتد بهم الحصار وألقى الله في قلوبهم الرعب فكروا أن يقتلوا نساءهم وأولادهم ثم يخرجوا مقاتلين مستقتلين وتراجعوا عن الفكرة وفضلوا النزول على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم على احتمال أن يقبل جلاءهم عن البلاد كما قبل جلاء بني النضير وكان بنو قينقاع قد حوصروا من قبل وهم حلفاء الخزرج فتشفع فيهم رئيس الخزرج عبد الله ابن أبي فلم يخرجوا فطلب الأوس وهم حلفاء بني قريظة أن يشفعوا لهم كما شفع الخزرج لحلفائهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أترضون حكم رئيسكم سعد بن معاذ فيهم؟ قالوا: نعم وسئل بنو قريظة: تنزلون على حكم سعد بن معاذ؟ قالوا: نعم.

فطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم حضور سعد من مسجد المدينة فحملوه بجرحه على حمار حتى وصل إلى مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وحوله الأنصار والمهاجرون فقال للأنصار: قوموا إلى سيدكم سعد قوموا له إجلالا وإكراما وإعزازا لمقامه وجهاده وقوموا له مهنئين على ما أنعم الله به عليه من أن يكون حكما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أعدائه قوموا له مساعدين على إنزاله عن الحمار وتوصيله إلى مكانه ونزل سعد وجلس بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هؤلاء -بني قريظة قد نزلوا من حصارهم على أن تحكم أنت فيهم وقد رضوا حكمك فيهم ورضينا نحن حكمك فيهم فبماذا تحكم عليهم؟ تذكر سعد خيانتهم المرة بعد المرة وتذكر تآمرهم مع قريش والأحزاب وتذكر عداءهم لله

<<  <  ج: ص:  >  >>