للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-[المعنى العام]-

هاجر المؤمنون من مكة إلى المدينة فرارا بدينهم تاركين ديارهم وأموالهم وأهليهم وأوطانهم وهاجروا خفية من كفار قريش متسربلين بجنح الظلام أخرجوا من ديارهم فوصلوا المدينة وهم ليس في أيديهم مال يتعيشون منه نزلوا على الأنصار نزول الضيف على صاحب البيت والأنصار في المدينة يملكون البيوت والمزارع والحدائق والأشجار والأرض والمياه والإبل والبقر والغنم والخيل والقمح والشعير والتمر والكساء والغطاء والذهب والفضة والنساء.

لم يكن بد من التكافل الاجتماعي فآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار وربط أخوة إسلامية وتكافلية بين رجل من هنا ورجل من هناك وكان الأنصار -بحق- كراما أحبوا من هاجر إليهم ولم يحفظوا في صدورهم حقدا أو غلا أو كرها أو تبرما بسبب ما يعطونه للمهاجرين بل عرضوا عليهم نصف ما يملكون عن طيب خاطر بل كانوا يؤثرون المهاجرين على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة وكان الأنصاري يقول لأخيه المهاجر: انظر أي زوجتي هويت نزلت لك عنها فإذا حلت فتزوجها.

وكان المهاجرون كرام النفوس أعزة يأبون الضيم والذل يأبون أن يكونوا عالة وكلا على غيرهم فقبلوا أن يعملوا في أرض الأنصار وأشجارهم في مقابل نسبة من ثمارهم لكن هذا لم يرفع من قيمة المهاجرين ليعيشوا على قدم المساواة مع الأنصار فمازال هؤلاء عمالا وأولئك ملاكا ومازال هؤلاء ممنوحين وأولئك مانحين فلما حانت الفرصة وأفاء الله على رسوله من الغنائم ما أفاء وفي ظل التفويض الذي منحه الله له أن يصرف هذا الفيء كيف شاء عرض على الأنصار -بعد غنائم خيبر- أن يختاروا أحد الأمرين:

إما أن يشترك الأنصار والمهاجرون في عطائه صلى الله عليه وسلم من فيء خيبر على أن يظل المهاجرون مشاركين للأنصار في أموالهم على ما هم عليه وإما أن يخص بهذا الفيء المهاجرين دون الأنصار على أن يرد المهاجرون للأنصار عطاياهم ومنائحهم فاختاروا أن ترد لهم منائحهم فردها المهاجرون حتى أم أنس التي كانت قد وهبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمار نخلات من نخلها استردت هبتها وعاد إليها ثمارها وعادت العزة والكرامة وتكافؤ الفرص بين المهاجرين والأنصار مع شكر الأنصار والاعتراف بفضلهم وقوة إيمانهم وسماحة أخلاقهم رضي الله عنهم أجمعين.

-[المباحث العربية]-

(لما قدم المهاجرون من مكة المدينة) يقال: قدم البلد -بكسر الدال يقدم بفتحها- إذا دخلها فهو قادم فالجار والمجرور مقدم على المفعول والأصل: لما قدم المهاجرون المدينة من مكة.

(قدموا وليس بأيديهم شيء) أي ليس معهم شيء من مال لأنهم أخرجوا من ديارهم

<<  <  ج: ص:  >  >>