للدوام عليه وإعطاؤه الأجر مرتين لكونه كان مؤمنا بنبيه ثم آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن يكون تضعيف الأجر له من جهة إسلامه ومن جهة أن إسلامه يكون سببا لدخول أتباعه.
(وإن توليت) أعرضت عن الإجابة إلى الدخول في الإسلام وحقيقة التولي إنما هي بالوجه ثم استعمل مجازا في الإعراض عن الشيء استعارة تبعية.
(فإن عليك إثم الأريسيين) جمع أريسى وهو منسوب إلى أريس بوزن فعيل وقد تقلب همزته ياء كما في ملحق الرواية الأولى قال ابن سيدة: الأريس الأكار أي الفلاح وقيل: الأريس هو الأمير وأنكر ابن فارس أن تكون الكلمة عربية وقد جاء في رواية "إثم الأكارين" زاد في هذه الرواية "يعني الحراثين" وفي رواية مرسلة "إثم الفلاحين" والمراد بالفلاحين الفلاحون في مملكته قال الخطابي: أراد أن عليك إثم الضعفاء والأتباع إذا لم يسلموا تقليدا له لأن الأصاغر أتباع الأكابر قال الحافظ ابن حجر: وفي الكلام حذف دل المعنى عليه وهو: فإن عليك مع إثمك إثم الأريسيين لأنه إذا كان عليه إثم الأتباع بسبب أنهم تبعوه على استمرار الكفر فلأن يكون عليه إثم نفسه أولى وهذا يعد من مفهوم الموافقة وقال أبو عبيد: ليس المراد بالفلاحين الزراعيين خاصة بل المراد بهم جميع أهل مملكته وقيل المراد بالأريسيين اليهود والنصارى أتباع عبد الله بن أريس الذي تنسب إليه الأروسية من النصارى ولهم مقالات في كتب المقالات ويقال لهم الأروسيون وقيل المراد بالأريسيين الملوك الذين يقودون الناس إلى المذاهب الفاسدة ويأمرونهم بها.
قال النووي:"الأريسيين" هكذا وقع في الرواية الأولى وهو الأشهر في روايات الحديث وفي كتب أهل اللغة وعلى هذا اختلف في ضبطه على أوجه: أحدها بياءين بعد السين والثاني بياء واحدة بعد السين وعلى هذين الوجهين الهمزة مفتوحة والراء مكسورة مخففة والثالث بكسر الهمزة وتشديد الراء وياء واحدة بعد السين.
{يا أهل الكتاب تعالوا} الآية الكريمة بدون الواو قال الحافظ ابن حجر: وهكذا وقع بإثبات الواو في أوله وذكر القاضي عياض أن الواو ساقطة في رواية الأصيلي وأبي ذر وعلى ثبوتها فهي داخلة على مقدر معطوف على قوله "أدعوك" فالتقرير: أدعوك بدعاية الإسلام وأقول لك ولأتباعك: يا أهل الكتاب ويحتمل أن تكون من كلام أبي سفيان لأنه لم يحفظ جميع ألفاظ الكتاب فاستحضر منها أول الكتاب فذكره وكذا الآية وكأنه قال فيه: كان فيه كذا وكذا وكان فيه: يا أهل الكتاب فالواو من كلامه لا من نفس الكتاب وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم كتب ذلك قبل نزول الآية فوافق لفظه لفظها لما نزلت والسبب في هذا أن هذه الآية في قصة وفد نجران وكانت قصتهم سنة الوفود سنة تسع وقصة أبي سفيان كانت قبل ذلك سنة ست وجوز بعضهم نزول الآية مرتين وهو بعيد. اهـ.
(فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده وكثر اللغط)"اللغط" بفتح الغين وإسكانها الأصوات المختلفة المتداخلة وهو الصخب واختلاط الأصوات في المخاصمة وفي رواية