(إني عبد الله ورسوله) قال النووي: يحتمل وجهين أحدهما: إني رسول الله حقا فيأتيني الوحي وأخبر بالمغيبات كهذه القضية وشبهها فثقوا بما أقول لكم وأخبركم به في جميع الأحوال والآخر لا تفتتنوا بإخباري إياكم بالمغيبات وتطروني كما أطرت النصارى عيسى عليه السلام فإني عبد الله ورسوله. اهـ.
وهكذا ربط النووي هذه الجملة بنزول الوحي وربطناها نحن بالقضية المثارة. والله أعلم.
(المحيا محياكم والممات مماتكم) أي مكان حياتي مكان حياتكم ومكان مماتي مكان مماتكم أي أنا ملازم لكم لا أحيا إلا عندكم ولا أموت إلا عندكم.
(فأقبلوا إليه يبكون) الإقبال هنا معنوي فهم معه مقبلون عليه ويحتمل أنهم تحركوا نحوه حبا وانعطافا والتصاقا وكان بكاؤهم فرحا بما قال لهم وحياء مما خافوا أن يكون بلغه عنهم مما يستحى منه.
(والله ما قلنا الذي قلنا إلا الضن بالله وبرسوله) "الضن" بكسر الضاد وفتحها الشح والبخل الشديد يقال: ضن به عليه ضنا وضنا وضنانه و"الضن" هنا مستثنى من عموم العلل أي ما قلنا الذي قلنا لعلة من العلل وبدافع من الدوافع إلا لعلة الضن بك أن تفارقنا ويحظى بك غيرنا وإلا بدافع الحرص عليك وعلى مصاحبتك ودوامك عندنا لنستفيد منك ونتبرك بك.
(إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم) أي يصدقانكم في اعتذاركم ويقبلان عذركم يقال: عذره فيما صنع -بفتح العين والذال- يعذره -بكسر الذال- رفع عنه اللوم فيه.
(وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبل إلى الحجر) الأسود أي أقبل نحو البيت واستمر حتى واجه الحجر فأقبل إليه.
(فاستلمه) أي لمسه بالقبلة أو اليد أو كلتاهما.
(وهو أخذ بسية القوس) "سية القوس" بكسر السين وفتح الياء مخففة المنعطف من طرفي القوس وللقوس سيتان والقوس آلة على هيئة هلال ترمى بها السهام تذكر وتؤنث.
(جعل يطعنه في عينه) أي شرع و"يطعنه" قال النووي: بضم العين على المشهور ويجوز فتحها في لغة قال: وهذا الطعن قصد به الإذلال للأصنام ولعابديها وإظهار كونها لا تضر ولا تنفع ولا تدفع عن نفسها.
{جاء الحق وزهق الباطل} في الرواية الثانية {إن الباطل كان زهوقا} الآية (٨١) من سورة الإسراء ومعناها جاء الإسلام والدين الثابت الراسخ وزال الشرك واضمحل الكفر وتسويلات الشيطان من زهقت نفسه إذا خرجت من الأسف إن الباطل كائنا ما كان مضمحل غير ثابت وزاد في الرواية الثانية {جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد} الآية (٤٩ من سورة سبأ) والمعنى: جاء