(قلت: فلان وفلان وأسيد بن حضير الأنصاري)"فلان وفلان" كناية عن اسمين من الصحابة، ذكرهما سلمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
(كذب من قاله) أي لم يطابق قوله الواقع، وإن كان لم يتعمد ذلك، فهو مخطئ.
(إن له لأجرين، وجمع بين إصبعيه) السبابة والوسطى، يؤكد القول بالإشارة والفعل.
قال النووي: وفي معظم النسخ "إن له لأجران" بالألف، وهي صحيحة. لكن الأولى هو الأشهر الأفصح، والثاني لغة أربع قبائل من العرب، ومنها قوله تعالى:{إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}[طه: ٦٣] لغة من يلزم المثنى الألف في أوجه الإعراب المختلفة.
والأجران: أجر لأنه جاهد، وأجر لأنه مجاهد، كما سيأتي، وفي رواية "إنه لشهيد، وصلى عليه".
(إنه لجاهد مجاهد) قال النووي: "جاهد" بكسر الهاء وتنوين الدال، و"مجاهد" بضم الميم وتنوين الدال أيضا، وفسروا "لجاهد" بالجاد في علمه وعمله، أي لجاد في طاعة الله، والمجاهد هو المجاهد في سبيل الله، وهو الغازي، اهـ واللام في "لجاهد" للتأكيد، وفي رواية بدونها.
و"جاهد" اسم فاعل من جهد، و"مجاهد" اسم فاعل من جاهد، قال القاضي: وفيه وجه آخر، وهو أنه جمع اللفظين "جاهد مجاهد" توكيدا، والعرب إذا بالغت في تعظيم شيء اشتقت له من لفظه لفظا آخر، على غير بنائه، زيادة في التوكيد، وأعربوه بإعرابه، فيقولون: جاد مجد، وليل لائل، وشعر شاعر، ونحو ذلك.
وفي رواية "إنه لجاهد وجاهد" بالواو العاطفة، بدل الميم، وبلفظ الفعل الماضي. قال القاضي: والأول هو الصواب.
(قل عربي مشى بها مثله)"قل" بفتح القاف وتشديد اللام، فعل ماض، قال النووي: ضبطنا هذه اللفظة "مشى بها" هنا في مسلم بوجهين، وذكرهما القاضي أيضا، الصحيح المشهور الذي عليه جماهير رواة البخاري ومسلم "مشى بها" بفتح الميم، فعل ماض من المشي، و"بها" جار ومجرور، ومعناه مشى بالأرض، أو في الحرب، والثاني "مشابها" بضم الميم وتنوين الهاء، من المشابهة، أي مشابها لصفات الكمال في القتال أو غيره مثله، ويكون "مشابها" منصوبا بفعل محذوف، أي رأيته مشابها، ومعناه: قل عربي يشبهه في جميع صفات الكمال، وضبطه بعض رواة البخاري "نشأ بها" بالنون والهمزة، أي شب وكبر، والهاء عائدة إلى الحرب أو الأرض أو بلاد العرب أو المدينة أو الخصلة.
-[فقه الحديث]-
روى البخاري في غزوة خيبر هذه الأحاديث وغيرها، نذكر مما رواه: