للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أن ثمانين رجلا من أهل مكة) عند أبي نعيم في الدلائل عن عبد الله بن معقل قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصل الشجرة التي قال الله تعالى في القرآن .... إلى أن قال: فبينما نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شابا عليهم السلاح، فثاروا في وجوهنا، فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ الله بأسماعهم" -ولفظ الحاكم "بأبصارهم" وكونهم ثمانين أصح، كما في الصحيح.

(هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من جبل التنعيم متسلحين) جبل التنعيم جزء من الحديبية، وهو أول الحل.

(يريدون غرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه) أي يريدون استغلال فرصة غفلته، أي يستغلون غفلته وغفلة أصحابه عن الحرب، اعتمادا على الصلح الذي تم، والغرة بكسر الغين الغفلة في اليقظة، أما الغرة بضم الغين من كل شيء أوله وأكرمه، وبياض في جبهة الفرس، ومن الهلال طلعته، ومن الأسنان بياضها وأولها، ومن الرجل وجهه، ومن القوم شريفهم وسيدهم.

(فأخذهم سلما فاستحياهم) قال النووي: ضبطوه بوجهين أحدهما بفتح السين وفتح اللام، والثاني بكسر السين وفتحها مع إسكان اللام، قال الحميدي: ومعناه الصلح. قال القاضي في المشارق: هكذا ضبطه الأكثرون، والرواية الأولى أظهر، ومعناها أسرهم، والسلم الأسر، وجزم الخطابي بفتح اللام والسين، قال: والمراد به الاستسلام والإذعان، كقوله تعالى: {وألقوا إليكم السلم} [النساء: ٩٠] أي الانقياد، وهو مصدر يقع على الواحد والاثنين والجمع. قال ابن الأثير: هذا هو الأشبه بالقصة، فإنهم لم يؤخذوا صلحا، وإنما أخذوا قهرا، وأسلموا أنفسهم عجزا. قال: وللقول الآخر وجه، وهو أنه لما لم يجر معهم قتال، بل عجزوا عن الدفاع والنجاة رضوا بالأسر، فكأنهم قد صولحوا على ذلك. اهـ.

وقد أخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه كيفية أخذهم عن عبد الله بن معقل، إذ قال: فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ الله تعالى بأسماعهم" وعند الحاكم "بأبصارهم" قال: "فقمنا إليهم، فأخذناهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل جئتم في عهد أحد؟ أو هل جعل لكم أحد أمانا؟ " فقالوا: لا. فخلى سبيلهم فأنزل الله تعالى: {وهو الذي كف أيديهم عنكم} ... إلخ ومعنى "فاستحياهم" أي أبقى على حياتهم.

-[فقه الحديث]-

في الباب السابق يقول سلمة: "لما اصطلحنا نحن وأهل مكة، واختلط بعضنا ببعض أتيت شجرة، فكسحت شوكها، فاضطجعت في أصلها، فأتاني أربعة من المشركين من أهل مكة، فجعلوا يقعون في رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبغضتهم، فتحولت إلى شجرة أخرى، وعلقوا سلاحهم واضطجعوا، فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من أسفل الوادي: يا للمهاجرين، قتل ابن زنيم. قال: فاخترطت سيفي، ثم شددت على أولئك الأربعة، وهو رقود، فأخذت سلاحهم، فجعلته ضغثا في يدي، ثم قلت: والذي كرم

<<  <  ج: ص:  >  >>