الخلة بضم الخاء فهي الصداقة والمحبة التي تخللت القلب، فصارت خلاله، أي في باطنه، وجمعها خلال بكسر الخاء، والمراد هنا خمس مسائل.
(فقال ابن عباس: لولا أن أكتم علما ما كتبت إليه) كان ابن عباس يكره نجدة لبدعته، وهي كونه من الخوارج الذين يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، ولكن لما سأله عن العلم لم يمكنه كتمه، فاضطر إلى جوابه، وقال: لولا أن أكتم علما ما كتبت إليه، أي لولا أني إذا تركت الكتابة أصير كاتما للعلم، مستحقا لوعيد كاتمه لما كتبت إليه، وفي الرواية الخامسة "اكتب إليه، فلولا أن يقع في أحموقة ما كتبت إليه" والأحموقة بضم الهمزة والميم هي فعل الحمقى، ويقصد بها الوقوع في مخالفات شرعية كبيرة في هذه الأمور المسئول عنها، نتيجة لجهله بها، وفي الرواية السادسة "لولا أن أرده عن نتن يقع فيه ما كتبت إليه، ولا نعمة عين" و"النتن" بفتح النون وسكون التاء الشيء المنتن كريه الرائحة، والمراد به هنا الفعل القبيح، وكل مستقبح يقال له: النتن، والخبيث والرجس والقذر والقاذورة نتن، تشبيها للخبث المطلق بخبث الرائحة، أو مجاز مرسل بعلاقة الإطلاق بعد التقييد، والمعنى لولا أنني بكتابتي له أرده عن فعل أشياء قبيحة، يقع فيها إن لم أكتب ما كتبت إليه، أي لولا خوفي من وقوعه في أفعال قبيحة إن لم أكتب إليه ما كتبت إليه.
وقوله "ولا نعمة عين""النعمة" بضم النون وفتحها، مع سكون العين، هي المسرة، يقال: نعم الشيء، بفتح النون وكسر العين، ينعم بفتحها، نعما بفتحها، ونعمة بفتح النون وسكون العين، ونعامة ونعيما، نضر وطاب، ونعم باله، ونعمت عينه هدأ واستراح، والمعنى: لولا كذا ما كتبت إليه، ولا أقررت عينه، ولا أرحت باله.
(هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء؟ ) الباء للمصاحبة، أي هل صحبه النساء في غزواته؟ وقد سقطت هذه الخصلة، فلم تذكر في الرواية الخامسة والسادسة، لا هي ولا جوابها، ويحتمل أنه اكتفى عنها بالسؤال عن الضرب لها بسهم، وجوابها "قد كان يغزو بهن، فيداوين الجرحى" لم يكتف بإثبات غزوه بهن، فذكر عملهن، لئلا يفهم أنهن قاتلن.
(وهل كان يضرب لهن بسهم) كالرجال؟ وفي الرواية الخامسة "العبد والمرأة، يحضران المغنم -أي المعركة- هل يقسم لهما؟ " أي هل كان لهن سهم كالرجال، وفي الرواية السادسة "المرأة والعبد. هل كان لهما سهم معلوم إذا حضروا البأس"؟ والبأس بالباء المفتوحة والهمزة الساكنة هو الشدة، والمراد منه ههنا الحرب.
(يحذين من الغنيمة، وأما بسهم فلم يضرب لهن)"يحذين" أي يعطين منحة، والجار والمجرور "بسهم" متعلق بمحذوف، تقديره: وأما الضرب لهن بسهم فلم يضرب لهن. وفي الرواية الخامسة "وإنه ليس لهما شيء إلا أن يحذيا" وفي الرواية السادسة "فإنهم لم يكن لهم سهم معلوم، إلا أن يحذيا من غنائم القوم" جمع الضمير تارة "فإنهم لم يكن لهم" باعتبار الأفراد، وهم أكثر من اثنين، وكان الضمير جمع مذكر تغليبا للعبيد على النساء، وثناه تارة أخرى باعتبار وصف الأنوثة والعبودية.