للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤١٣٢ - -/- وفي رواية عن حاتم بهذا الإسناد غير أنه قال في كلتيهما سبع غزوات.

-[المعنى العام]-

بعض الأنبياء والرسل أذن لهم بقتال أعدائهم، وبعضهم لم يتعرض لقتال، والقتال في الأصل وسيلة من وسائل الإخضاع والإلزام، بل التهديد به، وخوف الأعداء منه قد يكون وسيلة للالتزام والتسليم والدخول في طاعة القوي، كما حدث لملكة سبأ مع سليمان عليه السلام، وصدق الله العظيم إذ يقول: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز} [الحج: ٤٠].

وهكذا أجرى الله تعالى العادة بذلك في الأمم الماضية، لينتظم به الأمر، وتقوم الشرائع، وتصان المتعبدات من الهدم، ولولا القتال، وتسليط الله المؤمنين على المشركين لهدمت متعبداتهم، ولذهبوا، ولم تنتشر الدعوة إلى الله، ولضاعت مهمة الرسل أمام كيد الكافرين.

إن الإسلام بدأ غريبا وحورب قبل أن يحارب، وأوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، وأوذي من أسلم ثلاث عشرة سنة، فر المسلمون بدينهم مرتين إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، وكان الواحد منهم يفر بنفسه، بثيابه التي عليه، مخلفا وراءه ماله للكافرين، أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله، ولقد حوصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في شعب أبي طالب حصارا اقتصاديا واجتماعيا رهيبا، ووصل الأمر بهم معه أن تآمروا على قتله، فأنزل الله تعالى قرآنا بما بيتوا، فقال: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} [الأنفال: ٣٠].

وهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب البلاد إليه، وآواه الأنصار في المدينة وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه، وازداد المسلمون عددا وقوة، وتجمع مهاجروهم إلى الحبشة وغيرها في المدينة، وبدءوا يفكرون في نشر دعوتهم في مشارق الأرض ومغاربها، لكن كيف والمشركون يضعون العقبات، ويوحون إلى أوليائهم بمحاربة الإسلام وأهله، لقد استمرت الدعوة السلمية أكثر من ثلاثة عشر عاما، فهل يصرح لها بأن تشق طريقها إلى مسامع الناس ولو بالقوة والسيف؟ نعم، وأنزل الله تعالى هذا التصريح في قوله: {أذن للذين يقاتلون} بقتال أعدائهم {بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير* الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله} [الحج: ٣٩، ٤٠] وبدأ القرآن الكريم يحرض المسلمين على قتال الكفار {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم} [البقرة: ١٩٠] {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} [التوبة: ١١١] {قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة} [التوبة: ١٢٣] {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم} [الأنفال: ٦٠] {إذا لقيتم الذين كفروا زحفا

<<  <  ج: ص:  >  >>