للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على منكبي، ثم قال "يا أبا ذر إنك ضعيف. وإنها أمانة. وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها".

٤١٥٢ - عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "يا أبا ذر إني أراك ضعيفا. وإني أحب لك ما أحب لنفسي. لا تأمرن على اثنين. ولا تولين مال يتيم".

-[المعنى العام]-

يقول صلى الله عليه وسلم "إنكم ستحرصون على الإمارة" وستتكالبون وتتقاتلون عليها، ويرفع أحدكم السيف على أخيه من أجلها، وفي ذلك ضعفكم وهلاكم، إنكم لا تدركون مخاطرها، ولا تدرون عواقبها، إنكم ستكونون كالفراش يتهافت على الضوء، وفيه احتراقه، أو كالطفل يتعلق بعد الحولين بالرضاعة، ويصعب بعدهما فطامه، ونعمت المرضعة، وبئست الفاطمة، الولاية تبعات، وقل من يتحمل تبعاتها، إنها سلطة وشهوة، وقل من لا يصل إلى الطغيان والجبروت، إنها امتلاك لمصالح العباد ومنافعهم وأضرارهم، وقل من يعدل فيها، ويقيم القسط، ويعطي الحق، ويمنع ما ليس بحق ولو على نفسه، أو الوالدين والأقربين، إنها قوة وقدرة، وقل من يتحكم في قدرته، ويكبح شهوة انتقامه، متذكرا قدرة الله عليه، إنها عرض لا محالة زائل ومنتقل إلى الغير، وقل من يحسب حسابا لما بعدها دنيا وأخرى، إنها هالة من الأضواء، تعمي من بداخلها عن رؤية ما حولها، إنها دائرة محاطة ببطانة الخير وبطانة الشر، تمد كل منهما الأمير بما تريد، فيتحرك على ضوء معلوماتها وبحركتها لا بمعلوماته وحركته وحريته، إنها هدف لآمال قريبة وبعيدة، حقة وباطلة، ورضى الناس غاية لا تدرك، ولهذا جاء في الحديث "الإمارة أولها ملامة" يلومها من لم تتحق له آماله فيها "وثانيها ندامة" حيث يحس بالأخطار حوله "وثالثها عذاب يوم القيامة" حيث إن النجاة من أخطارها صعبة وعسيرة، والعادل فيها من يرجو أن يخرج منها كفافا، لا له ولا عليه، وفي رواية "أولها ندامة" حين يرى نفسه عاجزا عن تحقيق آمال الناس، وحين يرى ثقل حملها "وأوسطها غرامة" إذا أراد أن يؤدي الحقوق، ويتحمل التبعات "وآخرها عذاب يوم القيامة" حين تكون عليه حسرة، حيث لم يقم بحقها، وقل من يقوم بحقها، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "القضاة ثلاثة، قاضيان في النار، وقاض في الجنة" فالناجي من أخطارها واحد من ثلاثة.

والكيس من حسب المكسب والخسارة حسابا صحيحا، فلم يحرص عليها، ولم يجر وراءها ولم يسألها، ولم يلح في طلبها، ولم يشترها بدينه، أو بماله، أو بعرضه، أو بكرامته، فإن هو عف عنها، وكان كفأ لها، جاءته وحدها وأعانه الله، وإن سألها، وكان ضعيفا عن أحمالها، فأعطيها، حجبت عنه إعانته عليها، وتركه الله في عثراتها، ومن هنا كانت وصيته صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن

<<  <  ج: ص:  >  >>