بكسر الفاء فالضم على خلاف القياس، وهو جمع راع، و"الحطمة" الراعي العسوف العنيف في إبله وغنمه، لا يرفق بها في سوقها ومرعاها، بل يحطمها ويؤذيها في ذلك، وفي سقيها وغيره، ويزحم بعضها ببعض بحيث يؤذيها، يقال: حطم الشيء بفتح الطاء يحطم بكسرها إذا كسره، وحطم الناس بعضهم بعضا إذا تزاحموا حتى آذى بعضهم بعضا. وهذا المثل قصد به أن شر الولاة والأمراء من يشق على الرعية، ولا يرفق بهم.
(فإنما أنت من نخالة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم) النخالة ما تبقى من المنخل من القشر، يعني لست من صفوتهم ولا من فضلائهم ولا من علمائهم، ولا من أهل المراتب منهم، بل من سقطهم، والنخالة هنا استعارة من نخالة الدقيق، وهي قشوره والنخالة والحقالة والحثالة بمعنى واحد.
(وهل كانت لهم نخالة؟ إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم) قال النووي: هذا من جزل الكلام وفصيحه، وصدقه الذي ينقاد له كل مسلم، فإن الصحابة رضي الله عنهم هم صفوة الناس، وسادات الأمة، وأفضل ممن بعدهم، وكلهم عدول، قدوة، لا نخالة فيهم، وإنما جاء التخليط ممن بعدهم، وفي من بعدهم كانت النخالة.
-[فقه الحديث]-
-[يؤخذ من الأحاديث]-
١ - فضيلة الأمير العادل.
٢ - زجر الولاة عن المشقة على الرعية.
٣ - من قول عائشة -رضي الله عنها- في الرواية الثانية أنه ينبغي أن يذكر فضل أهل الفضل، ولا يمتنع منه لسبب عداوة ونحوها.
٤ - وجوب النصيحة على الوالي لرعيته، والاجتهاد في مصالحهم.
٥ - وجوب تبليغ العلم.
٦ - فيه منقبة وفضيلة لمعقل بن يسار، وجرأته في قول الحق عند سلطان جائر.
٧ - فيه منقبة كذلك لعائذ بن عمرو رضي الله عنه.
٨ - وفي قوله "يموت يوم يموت وهو غاش" دليل على أن التوبة قبل حالة الموت نافعة.
٩ - تحريم الجنة على المستحل لغش الرعية، وتأخير دخولها لغير المستحل ممن يغش الرعية. وتفصيل هذا الحكم سبق في كتاب الإيمان.