رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا، ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، قال: إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان".
٤١٨٨ - عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إنما الإمام جنة، يقاتل من ورائه، ويتقى به، فإن أمر بتقوى الله عز وجل وعدل، كان له بذلك أجر، وإن يأمر بغيره كان عليه منه".
-[المعنى العام]-
لا بد لكل مجموعة من قيادة، حتى مجموعات الحيوانات، لو لم تتخذ لها قيادة منها تبعثرت، وضاعت، وسهل افتراسها، وإن الذئب يأكل من الغنم القاصية الشاردة عن جماعتها، ولذلك نجد الراعي يقود واحدة فينقاد غيرها تبعا لها، وملكة النحل تنفرد من بين النحل بالملك والحكم.
والبشرية منذ فجر التاريخ تتخذ لمجموعاتها قادة، مهما صغرت المجموعات، فللطائرة قائد، وللباخرة قائد وللجيش قائد، ومهمة القادة إصدار الأوامر، وتحمل مسئوليتها، ومهمة الرعية الانقياد والسمع والطاعة، حتى البيت الصغير المكون من زوج وزوجة، جعل الله القوامة فيه للرجل، وأوجب الطاعة على المرأة، قانون سماوي في تشريعات الله، وأرضى في تشريعات البشر وسلوكهم، وبه وعليه تتآلف المجتمعات وتتعايش، لأن الأفهام تختلف، ووجهات النظر تتشعب وتتعارض، فكان لا بد من التسليم والانقياد للقيادة، لتسير القافلة.
والقيادة في الشريعة الإسلامية مسئولية وتبعات وأحمال، وليست عزا وسلطانا وتجبرا وتسلطا، بل لها حقوق، وعليها واجبات، هذه المسئولية هي التي جعلت عمر يقول عن الخلافة: ليتني أخرج منها كفافا لا لي ولا علي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته".
إن التعسف في استخدام الحق يسقط الحق، وإذا كانت الرعية قد أمرت بطاعة الراعي والسمع له، فإن الراعي قد طلب منه صيانة الرعية والنصح لهم والشفقة عليهم، وأن يشاورهم ويشركهم في الرأي، وأن لا يأمرهم بمعصية، فإن أمرهم بمعصية فليس له طاعة، قانون متوازن، حقوق وواجبات لكل من الحاكم والمحكوم، جعلت الخليفة الأول صلى الله عليه وسلم يقول يوم توليه الخلافة: أيها الناس، إني وليت عليكم، ولست بخيركم، أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإذا عصيته فلا طاعة لي عليكم.
وهذا المبدأ الإلهي الذي بلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم للأمة طبقه صلى الله عليه وسلم في حادثة يرويها الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيقول: