عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال:"قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم -ونحن في مجلس- تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فأمره إلى الله، إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه، فبايعناه على ذلك".
وفي مبايعات الرجال كان صلى الله عليه وسلم يضع يده في أيدي المبايعين، ويد الله فوق أيديهم، أما في مبايعات الرسول صلى الله عليه وسلم للنساء فتؤكد عائشة -رضي الله عنها- أنه لم يكن يضع يده صلى الله عليه وسلم في يد امرأة قط، بل كان يأخذ البيعة عليهن كلاما فقط، فإذا أقررن وتعهدن بما طلب منهن قال لهن: قد بايعتكن على ذلك، ولكن على تنفيذ ذلك الجنة.
-[المباحث العربية]-
(يمتحن) أي يختبرن اختبارا، يغلب على الظن موافقة قلوبهن لألسنتهن في الإيمان، خشية أن تكون هجرتهن لأمر دنيوي، وليست لله ورسوله، وقد أخرج ابن المنذر والطبري في الكبير بسند حسن عن ابن عباس أنه قال في كيفية امتحانهن: كانت المرأة إذا جاءت مهاجرة حلفها عمر رضي الله عنه بالله ما خرجت رغبة بأرض عن أرض، وبالله ما خرجت من بغض زوج، وبالله ما خرجت التماس دنيا، وبالله ما خرجت إلا حبا لله ورسوله.
(بقول الله عز وجل) أي الامتحان بسبب قوله عز وجل ... ، أي فإنها تأمر بامتحانهن، والآية التي ذكرتها عائشة تالية للآية الآمرة بالامتحان وهي قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن .... } وقد وضحنا ذلك بالمعنى العام.
{يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات} بحسب الظاهر، أي مدعيات الإيمان.
{يبايعنك} الجملة حالية، حال مقدرة، أي مقدرات وقاصدات للبيعة.
{على ألا يشركن بالله شيئا}"شيئا" مفعول به، أي لا يشركن بالله شيئا من الأشياء أو صنما من الأصنام، أو صفة لمفعول مطلق، أي لا يشركن شيئا من الإشراك، ولا نوعا من الإشراك.
(إلى آخر الآية) بقيتها {ولا يقتلن أولادهن} أريد به وأد البنات، وإن كان الأولاد أعم منهن، وجوز إبقاؤه على ظاهره {ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن} قال الفراء: كانت المرأة في الجاهلية تلتقط المولود من غيرها، فتقول لزوجها: هذا ولدي منك. فذلك البهتان المفترى بين أيديهن وأرجلهن، وذلك أن الولد إذا وضعته الأم سقط بين يديها ورجليها، {ولا يعصينك في معروف} أي فيما تأمرهن به من معروف، وتنهاهن عنه من منكر، وعند أحمد والترمذي وابن ماجه عن أم سلمة الأنصارية "قالت امرأة من هذه النسوة: ما هذا المعروف الذي لا ينبغي لنا أن نعصيك فيه؟ فقال