للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٣٠٩ - عن ثابت قال: قال أنس: عمي الذي سميت به لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا. قال: فشق عليه. قال: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غيبت عنه. وإن أراني الله مشهدا، فيما بعد، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراني الله ما أصنع. قال: فهاب أن يقول غيرها. قال: فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد. قال: فاستقبل سعد بن معاذ. فقال له أنس: يا أبا عمرو، أين؟ فقال: واها لريح الجنة أجده دون أحد. قال: فقاتلهم حتى قتل. قال: فوجد في جسده بضع وثمانون من بين ضربة وطعنة ورمية. قال: فقالت أخته، عمتي الربيع بنت النضر: فما عرفت أخي إلا ببنانه. ونزلت هذه الآية {رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا} [الأحزاب: ٢٣] قال: فكانوا يرون أنها نزلت فيه وفي أصحابه.

-[المعنى العام]-

ليكون الإسلام خاتم الأديان، ولتكون رسالته عامة لأهل الكرة الأرضية، كان لا بد أن تنتشر دعوته، ليعلمه المكلفون، لئلا يكون للناس على الله حجة.

وقد اقتضت حكمة الله تعالى أن تكون وسيلة هذا التبليغ الجهاد في سبيل الله من عقيدة وإيمان ولا يتحقق الجهاد والنصر إلا بالعقيدة والدفاع عنها، ولا يضحي المرء بماله ونفسه إلا بإيمانه بالمقابل، وكان المقابل للتضحية بالمال والنفس الجنة، فالله تعالى يقول {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم} [التوبة: ١١١] ويقول {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون* فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون} [آل عمران: ١٦٩، ١٧٠].

ويقول صلى الله عليه وسلم "الجنة تحت ظلال السيوف" ويسأله أحد المجاهدين: أين أنا إذا قتلت في معارك المشركين يا رسول الله؟ فيقول: في الجنة، وحين يحثهم صلى الله عليه وسلم على الشجاعة والكفاح، ويأمرهم باقتحام المعركة يقول لهم: قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض، وحين يستشهد قريب العهد بالإسلام يقول عنه صلى الله عليه وسلم: هذا عمل يسيرا، وأجر كثيرا.

أمام هذا المقابل العظيم كان الصحابة يتسابقون إلى الجهاد، ويتشوقون إلى الاستشهاد، حتى إن أصحاب الأعذار، من المرضى والمكفوفين وغير القادرين على الرحيل إلى المعارك يتحرقون أسى

<<  <  ج: ص:  >  >>