وقال ذلك أيضا في الشريق، أي الذي يموت بشرقة الماء وغيره.
وقال ذلك أيضا في الذي يفترسه السبع.
وعند أبي داود "المائد في البحر الذي يصيبه القيء له أجر شهيد".
(قال سهيل: قال عبيد الله بن مقسم: أشهد على أخيك أنه زاد في هذا الحديث: ومن غرق فهو شهيد) قال النووي: هكذا وقع في أكثر نسخ بلادنا "على أخيك" وفي بعضها "على أبيك" وهذا هو الصواب. قال القاضي: وقع في رواية "على أبيك" وهو الصواب، ووقع في رواية "على أخيك" وهو خطأ، والصواب "على أبيك".
-[فقه الحديث]-
قال ابن التين: هذه كلها ميتات، فيها شدة، تفضل الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن جعلها تمحيصا لذنوبهم، وزيادة في أجورهم، يبلغهم بها مراتب الشهداء.
قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر أن المذكورين ليسوا في المرتبة سواء، ثم قال: ويتحصل مما ذكر في هذه الأحاديث أن الشهداء قسمان: شهيد الدنيا والآخرة، وهو من يقتل في حرب الكفار، مقبلا غير مدبر، مخلصا، وشهيد الآخرة، دون أحكام الدنيا، وهم هؤلاء المذكورون هنا، فيكون لهم في الآخرة أجر الشهداء، وأما في الدنيا فيغسلون ويكفنون، ويصلى عليهم، زاد النووي: وشهيد في الدنيا دون الآخرة، وهو من غل في الغنيمة، أو قتل مدبرا.
وقد اختلفت الأحاديث في عدد الشهداء "خمسة" و"سبعة" وفي الجمع بينها قال الحافظ ابن حجر: إن العدد الوارد ليس على معنى التحديد، وقال بعض المتأخرين: يحتمل أن يكون رواة "خمسة" نسوا الباقي، قال الحافظ: وهو احتمال بعيد، قال: والذي يظهر أنه صلى الله عليه وسلم أعلم بالأقل، ثم أعلم زيادة على ذلك، فذكرها في وقت آخر، ولم يقصد الحصر في شيء من ذلك. اهـ.
وإذا كان المقتولون في معركة الكافرين شهداء فهم بلا شك درجات من حيث النية والكفاح والأثر الناتج عن كل منهم، وإذا كان هؤلاء ليسوا في درجة واحدة، فمن باب أولى من ألحق بهم في الوصف، ليسوا في درجتهم، وليسوا فيما بين بعضهم في درجة واحدة، فالمقصود على هذا أن الاشتراك في وصف الشهادة إنما هو للاشتراك في نوع الجزاء، لا في كمه ومقداره.