الأولى: أن يكون معلما، فإن أرسل كلبا غير معلم لم يحل ما قتله. قال النووي: وهذا مجمع عليه، وذكر الكلب مطلقا يتناول أي لون كان، أبيض أو أسود أو أحمر، فيجوز بأي لون كان، ففيه حجة على أحمد وإسحق، حيث قالا: لا يحل الصيد بالكلب الأسود، لأنه شيطان.
الثانية: أن يرسله من هو أهل للتذكية، قال النووي: لو استرسل المعلم بلا إرسال فلا يحل ما قتله عندنا وعند العلماء كافة، إلا ما حكي عن الأصم من إباحته، وإلا ما حكاه ابن المنذر عن عطاء والأوزاعي، أنه يحل إن كان صاحبه أخرجه للاصطياد.
وظاهر قوله في الرواية الأولى "إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله عليه فكل" اشتراط تسمية المرسل على الصيد، وكذا في الروايات الأخرى "فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره" قال النووي: في هذا الأمر بالتسمية على إرسال الصيد، وقد أجمع المسلمون على التسمية عند الإرسال على الصيد، وعند الذبح والنحر، واختلفوا في أن ذلك واجب أم سنة؟ فمذهب الشافعي وطائفة أنها سنة، فلو تركها سهوا أو عمدا حل الصيد والذبيحة، وهي رواية عن مالك وأحمد، وقال أهل الظاهر: إن تركها عمدا أو سهوا لم يحل، وهو الصحيح عن أحمد في صيد الجوارح، وهو مروي عن ابن سيرين وأبي ثور، واستدلوا بجعلها شرطا في حديث عدي، ولإيقاف الإذن في الأكل عليها، في حديث أبي ثعلبة، والمعلق بالوصف ينتفي عند انتفائه عند من يقول بالمفهوم، ويتأكد القول بالوجوب بأن الأصل تحريم الميتة، وما أذن فيه منها تراعي صفته، فالمسمى عليها وافق الوصف، وغير المسمى عليها باق على التحريم، وقال أبو حنيفة ومالك والثوري وجماهير العلماء: إن تركها سهوا حلت الذبيحة والصيد، وإن تركها عمدا فلا، وعلى مذهب أصحابنا: يكره تركها، وقيل: لا كراهة، بل هو خلاف الأولى، والصحيح الكراهة.
قال: واحتج من أوجبها بقوله تعالى {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق}[الأنعام: ١٢١] وبهذه الأحاديث، واحتج أصحابنا بقوله تعالى {حرمت عليكم الميتة .... } إلى قوله {إلا ما ذكيتم}[المائدة: ٣] فأباح بالتذكية من غير اشتراط التسمية ولا وجوبها، فإن قيل: التذكية لا تكون إلا بالتسمية، قلنا: هي في اللغة الشق والفتح. وبقوله تعالى {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم}[المائدة: ٥] وهم لا يسمون، وبحديث عائشة "أنهم قالوا: يا رسول الله، إن قوما حديث عهدهم بالجاهلية، يأتوننا بلحمان، لا ندري أذكروا اسم الله؟ أم لم يذكروا؟ أفنأكل منها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سموا وكلوا" رواه البخاري، فهذه التسمية هي المأمور بها عند أكل كل طعام، وشرب كل شراب، وأجابوا عن قوله تعالى {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} أن المراد ما ذبح للأصنام، كما قال تعالى في الآية الأخرى {وما ذبح على النصب} و {ما أهل به لغير الله} أي ما ذبح على اسم غير الله من صنم أو وثن أو طاغوت أو غير ذلك من سائر المخلوقات، ولأن الله تعالى قال {وإنه لفسق}