للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمقصود بكفء القدور طرح ما فيها من لحوم الحمر على الأرض، مبالغة في عدم تناول شيء منها، لذا أكد هذا المعنى ووضحه في الرواية الخامسة بقوله "ولا تطعموا من لحوم الحمر شيئاً" وفي الرواية السادسة "ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئاً" وفي الرواية العاشرة "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نلقي لحوم الحمر الأهلية، نيئة ونضيجة، ثم لم يأمرنا بأكله" أي لم يرخص لنا في أكل هذا الملقى، و"نيئة" بكسر النون وبالهمزة، أي غير مطبوخة، أو غير كاملة النضج والطبخ، وفي الرواية الثانية عشرة "أهريقوها واكسروها، فقال رجل: يا رسول الله، أو نهريقها ونغسلها؟ قال: أو ذاك" والأمر بالكسر مبالغة في التنفير والتحذير، وكانت آنيتهم من الفخار الذي يكسر إن ضرب بحجر أو بجسم صلب، "وأهريقوها" أي صبوها، أم من "يهريقون الماء" مبني على حذف النون، يقال: هرق الماء هرقاً، صبه، وأهرق الماء هرقة، وهراق الماء، يهريقه، أي صبه.

(فقلت: حرمها تحريم ماذا؟ ) أي سأل الشيباني هذا السؤال لعبد الله بن أبي أوفى. أي ما نوع التحريم؟ أهو تحريم أبدي لذات الحمر الأهلية؟ أم تحريم مؤقت لظرف خاص؟

(تحدثنا بيننا، فقلنا: ) أي فقال بعضنا:

(حرمها البتة، وحرمها من أجل أنها لم تخمس) أي قال بعضنا: حرمها تحريماً أبدياً لذاتها، لأنها رجس ونجس، وقال بعضنا: حرمها لظرف خاص، وهي أنها لم تكن دخلت في التخميس وقسمة الغنيمة، والأخذ من الغنيمة قبل قسمتها غلول حرام، وفي الرواية السادسة "فقال ناس: إنما نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي عن أكلها "لأنها لم تخمس، وقال آخرون: نهى عنها البتة" وهناك ناس قالوا قولاً ثالثاً: هو أن التحريم مؤقت: لظرف خاص بهذه الحالة، وهي خشية فناء الحمر، لكثرة ما ذبح منها، وضحت هذا القول الرواية الحادية عشرة، وفيها "إنما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أنه كان حمولة الناس" بفتح الحاء، أي الذي يحمل متاعهم "فكره أن تذهب حمولتهم" وتشير إلى أن هذا هو السبب الرواية الرابعة عشرة، وقوله "البتة" أي تحريماً قاطعاً لا رجعة فيه، يقال: بت الشيء بتوتاً انقطع، وبت الشيء يبته، بضم الباء، بتا، وبتة، وبتاتاً، قطعه مستأصلاً، ولا أفعله البتة، ولا أفعله بتة، والبتة بهمزة قطع، أي قطعاً لا رجعة فيه.

(وأذن في لحوم الخيل) في الرواية السادسة عشرة "أكلنا زمن خيبر الخيل" والخيل جماعة الأفراس، لا واحد له من لفظه، وجمعه أخيال وخيول، وفي الرواية السابعة عشرة "نحرنا فرساً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأكلناه" وفي رواية للدارقطني "فأكلناه نحن وأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم".

-[فقه الحديث]-

قال النووي: اختلف العلماء في إباحة أكل لحوم الخيل، فمذهب الشافعي والجمهور من السلف والخلف أنه مباح، لا كراهة فيه، وبه قال عبد الله بن الزبير وفضالة بن عبيد وأنس بن مالك وأسماء

<<  <  ج: ص:  >  >>