للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالقبول من النظر والقياس، والأخبار في حل الخيل شبه متواترة، لا سيما وقد أخبر جابر [روايتنا الخامسة عشرة والسادسة عشرة] أنه صلى الله عليه وسلم أباح لهم لحوم الخيل في الوقت الذي منعهم فيه من لحوم الحمر، فدل ذلك على اختلاف حكمها، وقد نقل الحل بعض التابعين عن الصحابة، من غير استثناء أحد، فأخرج ابن أبي شيبة بإسناد صحيح على شرط الشيخين عن عطاء قال: لم يزل سلفك يأكلونه. قال ابن جريج: قلت له: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم.

٢ - كما استدلوا بما أخرجه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق عن ابن عباس بأنه كرهها.

وأجاب المبيحون بأن ما روي عن ابن عباس بالكراهة جاء بسندين ضعيفين، بل أخرج الدارقطني بسند قوي عن ابن عباس مرفوعاً مثل حديث جابر، ولفظه "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية، وأمر بلحوم الخيل".

ثم إن ابن عباس في روايتنا الحادية عشرة توقف في سبب المنع من أكل الحمر، هل كان تحريماً مؤبداً، أو بسبب كونها كانت حمولة الناس؟ وهذا يأتي مثله في الخيل أيضاً، فيبعد أن يثبت عنه القول بتحريم الخيل، والقول بالتوقف في تحريم الحمر الأهلية.

٣ - قال الشيخ محمد بن أبي جمرة: سبب كراهة مالك لأكلها كونها تستعمل غالباً في الجهاد، فلو انتفت الكراهة كثر أكلها، فيفضي إلى فنائها، فيئول إلى النقص من إرهاب العدو الذي وقع الأمر به، في قوله تعالى {ومن رباط الخيل} [الأنفال: ٦٠].

وأجاب المبيحون بأن الكراهة على هذا لسبب خارج، وليس البحث فيه، فإن الحيوان المتفق على إباحته، لو حدث أمر يقتضي أن لو ذبح لأفضى إلى ارتكاب محذور، لامتنع، ولا يلزم من ذلك القول بتحريمه، ولا يلزم من كون أصل الحيوان حلالاً أكله فناؤه بالأكل.

٤ - استدلوا بأنه لو كان أكل الخيل حلالاً لجازت الأضحية بها.

وأجاب المبيحون بأنه لا يلزم، فإن حيوان البر مأكول، ولم تشرع الأضحية به.

٥ - قالوا: إن وقوع أكل الخيل في الزمن النبوي كان نادراً، مما يدل على أن أكله كان مكروهاً على الأقل.

وأجاب المبيحون بمنع الملازمة، فقد يكون قلة أكلها لقلتها، أو لكثرة وشدة الحاجة إليها، أو أن الانتفاع بها كان أولى من أكلها.

٦ - استدلوا بحديث خالد بن الوليد المخرج في السنن "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر عن لحوم الخيل".

ويجيب المبيحون بأنه شاذ منكر، لأن في سياقه أنه شهد خيبر، وهو خطأ، فإنه لم يسلم إلا بعدها على الصحيح، والذي جزم به الأكثر أن إسلامه كان سنة الفتح، وأعل أيضاً بأن في السند راوياً

<<  <  ج: ص:  >  >>