للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبو سعيد: فلما كان بعد ذلك، قال عمر: إن الله عز وجل لينفع به غير واحد، وإنه لطعام عامة هذه الرعاء، ولو كان عندي لطعمته، إنما عافه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

٤٤١٥ - عن أبي سعيد رضي الله عنه أن أعرابياً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني في غائط مضبة، وإنه عامة طعام أهلي. قال: فلم يجبه. فقلنا: عاوده. فعاوده. فلم يجبه، ثلاثاً. ثم ناداه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثالثة. فقال: "يا أعرابي، إن الله لعن أو غضب على سبط من بني إسرائيل، فمسخهم دواب يدبون في الأرض. فلا أدري لعل هذا منها. فلست آكلها ولا أنهى عنها".

-[المعنى العام]-

خلق الله الإنسان، وأسكنه الأرض، واستخلفه عليها، وسخر له ما فيها، سخر له ما فيها لينتفع به، أكلاً، أو شرباً، أو سكناً، أو لباساً، أو متعة بأنواع المتع المختلفة، وكما خلق الله الخير والشر في الكون، خلق بعض المخلوقات ليخوف بها عباده، وخلق بعض المأكولات الضارة، بجوار المأكولات النافعة، ليختبر البشر، بالإقبال على ما هو نافع، والابتعاد عما هو ضار، وكان من مهام الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم أن يحل للبشرية الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث.

ولما كانت النفوس مختلفة من حيث الإقبال والنفور على المطعوم والمشروب، كان لكل مجموعة مطاعمها ومشاربها التي قد تنفر منها المجموعة الأخرى، وكان للإلف والعرف والعادة أثر كبير في القبول أو النفور، فبعض البلاد تعتز بالجراد، وتعتبره الأكلة المفضلة، وبعضها لا يتقبل رؤيته على المائدة، ولا دخل للحل والحرمة في مثل هذا فقد تتقزز نفس من حلال، ولا تتقزز منه نفس أخرى.

ومن هذا القبيل -ما نحن فيه- الضب حيوان، أو دويبة من جنس الزواحف، قصير الأرجل جداً، حتى كأنه يزحف على بطنه، لا يزيد وزنه عن كيلو جرام واحد، يسكن الجبال غالباً في الجحور، وله شبيه في البيوت المهجورة والخربات ويزحف على الحوائط، وهو ما يعرف في مصر (بالبرص) أو (السحلية) وفي سواحل الشام (بالسفاية) غير أنه غليظ الجسم خشنه، حتى شبهه بعضهم بالفأر، لغلظ بطنه، له ذنب عريض حرش معقد، لحمه طري لزج، تعافه كثير من النفوس، وتأكله نفوس تعيش غالباً في البوادي والصحاري دون غضاضة أو نفور، وتعافه نفوس أهل الحضر، وسكان المدن.

حفيدة أخت ميمونة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم جاءت من صحراء نجد إلى المدينة، فأهدت أختها ميمونة عدداً من هذا الضب، فقامت ميمونة وأختها بشيه على النار، حتى نضج، وقدم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه من أصحابه عبد الله بن عباس والفضل بن عباس وخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص وبجواره

<<  <  ج: ص:  >  >>