ووردت أحاديث أخرى بمنع أكله، أو بالتوقف، منها: ما رواه الدارقطني عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زجر صبياننا عن الجراد، وكانوا يأكلونه". والصواب أن هذا الحديث موقوف.
ومنها ما رواه أبو داود عن سليمان: "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجراد، فقال: لا أحله، ولا أحرمه".
وزعم الصيمري من الشافعية أن النبي صلى الله عليه وسلم عافه كما عاف الضب، ومستنده الحديث السابق والصواب أنه مرسل، وعند ابن عدي عن ابن عمر "أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الضب، فقال: لا آكله، ولا أحرمه، وسئل عن الجراد، فقال مثل ذلك" وفي إسناده ثابت بن زهير وهو ليس بثقة.
فالأمر كما قال النووي إجماع على حل أكله. لكن فصل ابن العربي في شرح الترمذي بين جراد الحجاز، وجراد الأندلس، فقال في جراد الأندلس: لا يؤكل، لأنه ضرر محض، قال الحافظ ابن حجر: وهذا إن ثبت أنه يضر أكله، بأن يكون فيه سمية تخصه، دون غيره من جراد البلاد، تعين استثناؤه. والله أعلم
وأما حكم أكل الأرنب فقد قال النووي: أكل الأرنب حلال عند مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد والعلماء كافة، إلا ما حكي عن عبد الله بن عمرو بن العاص وابن أبي ليلى أنهما كرهاها.
دليل الجمهور هذا الحديث، مع أحاديث مثله، ولم يثبت في النهي عنها شيء. اهـ
وحكى الرافعي عن أبي حنيفة أنه حرمها، وغلطه النووي في النقل عن أبي حنيفة.
ومن الأحاديث التي أشار إليها النووي: ما أخرجه الدارقطني عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرنب، وأنا نائمة، فخبأ لي منها العجز، فلما قمت أطعمني" قال الحافظ ابن حجر: وهذا لو صح لأشعر بأنه أكل منها. لكن سنده ضعيف.
وفي الهداية للحنفية أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من الأرنب حين أهدي إليه مشوياً، وأمر أصحابه بالأكل منه" قال الحافظ ابن حجر: وكأنه تلقاه من حديثين، فأوله من حديث الباب، وقد ظهر ما فيه، أي إن الثابت فيه أنه قبله، والآخر من حديث أخرجه النسائي، عن أبي هريرة قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأرنب قد شواها، فوضعها بين يديه، فأمسك، وأمر أصحابه أن يأكلوا" ورجاله ثقات. اهـ وهذا الحديث الثاني لا دلالة فيه على أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من الأرنب، بل هو صريح في أنه أمسك، ولم يأكل.
واحتج من كرهه بحديث خزيمة بن جزء "قلت: يا رسول الله، ما تقول في الأرنب؟ قال: لا آكله، ولا أحرمه، قالت: فإني آكل ما لا تحرمه. ولم يا رسول الله؟ قال: نبئت أنها تدمي" أي تحيض.
-[وفي الحديث الثاني غير ما تقدم]-
١ - جواز استثارة الصيد، والغدو في طلبه، وأما ما أخرجه أبو داود والنسائي من حديث ابن عباس