للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فجرت في سكك المدينة) الظاهر أن هذه العبارة مقدمة من تأخير، وأنها بعد أن أهرقها أنس. وسكك المدينة طرقاتها، وفي ذلك إشارة إلى سرعة تنفيذ الصحابة للأمر، وإراقتهم لما كان عندهم منها.

(فقالوا -أو قال بعضهم: قتل فلان. قتل فلان، وهي في بطونهم) وفي رواية البخاري "فقال بعض القوم: قتل قوم، وهي في بطونهم، فأنزل الله {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا} [المائدة: ٩٣] قال الحافظ ابن حجر: وروى النسائي والبيهقي "فقال ناس من المتكلفين: هي رجس، وهي في بطن فلان، وقد قتل بأحد، فنزلت {ليس على الذين آمنوا ... } وروى البزار "أن الذين قالوا ذلك كانوا من اليهود".

(قال: فلا أدري. هو من حديث أنس؟ ) أصل الإسناد: حدثنا حماد بن زيد. حدثنا ثابت عن أنس. فالقائل: لا أدري إلخ هو حماد، والعبارة المشكوك في رواية أنس لها هي "فقالوا، أو قال بعضهم ... إلى آخر الحديث، أي قال حماد: لا أدري هذه العبارة في حديث أنس؟ أو هي قول لثابت؟ فتكون مرسلة؟ .

(فقمت إلى مهراس لنا، فضربتها بأسفله، حتى تكسرت) المهراس -بكسر الميم وسكون الهاء- حجر منقور، أو هو إناء يتخذ من صخر، وينقر، وقد يكون كبيراً كالحوض، وقد يكون صغيراً، كالهاون، بحيث يتأتى الكسر به.

-[فقه الحديث]-

ظاهر أحاديث الباب أن الخمر عند العرب وفي الإسلام كانت حلالاً، لا مؤاخذة ولا لوم على من يشربها، بل كانت شراباً محبباً شائعاً، يجتمعون على شربها، ويتحف صاحب البيت ضيفه بها، يشربها العظيم والحقير، ولا يتجنبها إلا من يخاف عواقبها، من ذوي المروءات العليا، لذا لم نجد لوماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم للشاربين الذين كانوا مع حمزة رضي الله عنه، وقول أنس في رواياته "يوم حرمت الخمر" صريح في أنها كانت جلالاً، وقد بينا في المباحث العربية أقوال العلماء في وقت التحريم.

وظاهر الرواية الأولى والثانية أن حادثة حمزة كانت سبباً مقتضياً لتحريمها، فإنه ما فعل ما فعل إلا بتأثير الشرب، وقد روى النسائي والبيهقي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- بسند صحيح، قال: "نزل تحريم الخمر في ناس شربوا" وفي رواية "في قبيلتين من الأنصار شربوا، فلما ثمل القوم عبث بعضهم ببعض، فلما صحوا جعل الرجل يرى في وجهه ورأسه الأثر، فيقول: صنع هذا أخي فلان، وكانوا إخوة، ليس في قلوبهم ضغائن، فيقول: والله لو كان بي رحيماً ما صنع بي هذا، حتى وقعت في قلوبهم الضغائن، فأنزل الله عز وجل هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر ... } إلى قوله {منتهون} وأخرج

<<  <  ج: ص:  >  >>