٤٥٥٧ - عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبيذ في الأوعية. قالوا: ليس كل الناس يجد. فأرخص لهم في الجر غير المزفت.
-[المعنى العام]-
إن التحذير من شرب الخمر في الشريعة الإسلامية له أهمية خاصة، وأساليب متعددة، ومر بنا في الباب رقم ٥٥٢ التحذير من تخليلها، ومن تعاطيها كدواء، وفي الباب رقم ٥٥٣ أن كل ما يخامر العقل من الأنبذة يسمى خمراً، ويأخذ حكمها، وفي الباب رقم ٥٥٤ كراهية انتباذ خليطين، لئلا يسارع إلى الخليط التخمر، وفي هذا الباب حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من النبيذ في أوعية صماء كثيفة، تخفي التخمر، فيقع المسلم في شرب الخمر، وهو لا يدري أنها خمر.
وهكذا نجد الشريعة الإسلامية تسد منافذ الخمر، ومنافذ القرب منها سداً محكماً منيعاً، ويروي البخاري بهذا الصدد قوله صلى الله عليه وسلم "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" وعند أبي داود "ليشربن ناس الخمر، يسمونها بغير اسمها" وفي رواية "ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها".
إن العرب كانوا يحبون النبيذ من التمر والزبيب والحنطة والشعير، ينقعونه في الماء، ويتركونه حتى يفرغ حلاوته في الماء، وحتى يتغير طعمه من حلو إلى لاذع، يستعذبون هذا الطعم الجديد، وقد أباح الشرع الحنيف هذا الشراب، لأنه لا يسكر، ولا يطغى على العقل، فجعل حده أن لا يشتد لذعه، وأن لا يرغي ويخرج زبداً على وجهه، ولما كان هذا الحد لا يتبين إذا نبذ النقيع في مسمط سميك، وخشي على الشارب أن يشربه بعد أن تخمر وأسكر، وهو لا يدري أنه يسكر نهي عن النبيذ في الجرار وفي جذع النخلة المنقور، وفي الأواني المطلية وفي الأواني المتخذة من القرع، وبعد أن أدرك الناس الحد الفاصل بين النبيذ غير المسكر والنبيذ المسكر، وأصبحوا يعرفون المسكر من غير المسكر وإن نبذ في هذه الأدعية الكثيفة أذن لهم في الانتباذ في أي إناء، ماداموا يميزون بين المسكر وغير المسكر. وأصبح النهي والمنع مرتبطاً بالمسكرات.
-[المباحث العربية]-
(نهى عن الدباء) بضم الدال وتشديد الباء، وفي الكلام مضاف محذوف، أي نهي عن الانتباذ في الدباء، وقد ظهر هذا المحذوف في الرواية الأولى نفسها، على هيئة البدل بلفظ "أن ينبذ فيه".