أما تحريم الجنة على الراعي الغاش لرعيته ففيه التأويلان المتقدمان في أمثاله.
أحدهما: أنه محمول على المستحل.
والثاني: معناه حرم الله عليه دخولها مع الفائزين السابقين، ومعنى التحريم هنا المنع. قاله النووي.
ويؤيد التأويل الثاني الرواية الرابعة، إذ فيها:"إلا لم يدخل معهم الجنة".
وهذا مبني على أن الله سينفذ عليه وعيده، ولا يرضى عنه المظلومين.
وأما حقيقة غش الرعية فتحصل بظلمه لهم بأخذ أموالهم، أو سفك دمائهم، أو انتهاك أعراضهم، أو حبس حقوقهم، أو ترك تعريفهم ما يجب عليهم في أمر دينهم ودنياهم أو بإهمال إقامة الحدود فيهم وردع المفسدين منهم، أو ترك حمايتهم وحماية حوزتهم، أو مجاهدة عدوهم، أو ترك سيرة العدل فيهم، فإنما استرعاه الله ليرعى شئونهم ويعينهم، ويستر عوراتهم، ويسد خلاتهم، ويدفع المضار عنهم، ويجلب المنافع لهم، ويوقر كبيرهم، ويرحم صغيرهم، ويحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه.
فمن قلب القضية وضيع ما استرعاه الله أو خانهم أو ظلمهم فقد توجه إليه الطلب بمظالم العباد يوم القيامة {ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا}[الفرقان: ٢٧ - ٢٨].