١١ - ومن استئذان الرسول صلى الله عليه وسلم للتابع أن من دعا قوماً متصفين بصفة، ثم طرأ عليهم من لم يكن معهم حينئذ، أنه لا يدخل في عموم الدعوة، وإن قال قوم: إنه يدخل في الهدية، على أساس أن جلساء المرء شركاء له فيما يهدى إليه بصفة، إذا كانوا متصفين بهذه الصفة.
١٢ - ومن قوله "إن هذا اتبعنا" وفي رواية "لم يكن معنا حين دعوتنا" أنه لو كان معهم حالة الدعوة لم يحتج إلى الاستئذان عليه، فيؤخذ منه أن الداعي لو قال لرسوله: ادع فلاناً وجلساءه، جاز لكل من كان جليساً له أن يحضر معه، وإن كان ذلك لا يستحب، أو لا يجب.
١٣ - استدل القاضي عياض بإذن الأنصاري للتابع بالدخول معهم على أنه لا ينبغي أن يظهر الداعي الإجابة، وفي نفسه الكراهة لئلا يطعم من تكرهه نفسه، ولئلا يجمع بين الرياء والبخل وصفة ذي الوجهين. [ظن القاضي عياض أن الأنصاري كان محباً لدخول التابع، ولم يكن إذنه له عن حرج] وتعقب بأنه ليس في الحديث ما يدل على ذلك، بل فيه مطلق الاستئذان والإذن، ولم يكلف أن يطلع على رضاه بقلبه، قال في شرح الترمذي: وعلى تقدير أن يكون الداعي يكره ذلك، في نفسه، فينبغي له مجاهدة نفسه على دفع تلك الكراهة.
١٤ - وفي قوله "إن هذا اتبعنا" بتعيينه بالإشارة، مع إبهام اسمه نوع من الرفق به، لأن تعيينه قد يكسر خاطره.
١٥ - وأن المدعو لا يمتنع من الإجابة إذا امتنع الداعي من الإذن لبعض من صحبه.
١٦ - استنبط بعضهم من الحديث أن القوم الذين على مائدة لا يجوز لهم أن يناولوا من مائدة إلى مائدة أخرى، ولكن يناول بعضهم بعضاً في تلك المائدة، أو يتركوا المناولة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم استأذن الداعي في الرجل الطارئ، وأن الذين دعوا صار لهم بالدعوة عموم إذن بالتصرف في الطعام المدعو إليه، بخلاف من لم يدع، فيتنزل من وضع بين يديه الشيء منزلة من دعي له، أو ينزل الشيء الذي وضع بين يدي غيره منزلة من لم يدع إليه.
١٧ - وفي الحديث مشروعية الضيافة، وتأكد استحبابها لمن غلبت حاجته لذلك.
١٨ - وفيه ما كان عليه الصحابة -رضي الله عنهم- من الاعتناء بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم.
١٩ - ومن الرواية الثانية، من قوله "كان طيب المرق" جواز أكل المرق.
٢٠ - ومن عدم إذن الفارسي أنه يجوز للداعي أن يرفض دعوة بعض أصحاب المدعو.
٢١ - وأن المدعو حينئذ له أن يمتنع عن إجابة الدعوة، إذا كان في دعوة بعض أصحابه مصلحة.
٢٢ - وأنه يستحب للداعي أن يدعو بعض خواص المدعو معه، كما فعل الأنصاري، سيد اللحام.
٢٣ - وفي تمسك الرسول صلى الله عليه وسلم بدعوة عائشة حسن عشرة، وإظهار مودة.
٢٤ - ومراجعة الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاثاً، وكان لا يراجع بعد ثلاث.