٤١ - وفيه استحباب الإسراع بتقديم ما تيسر للجائع حتى يعد الطعام المناسب.
٤٢ - ومن ذبحه لهم استحباب إكرام الضيف بأشهى الطعام، وقد كره جماعة من السلف التكلف للضيف، وهو محمول على ما يشق على صاحب البيت مشقة ظاهرة، لأن ذلك يمنعه من الإخلاص وكمال السرور بالضيف، وربما ظهر عليه شيء من ذلك، فيتأذى به الضيف، وقد يحضر شيئاً يعرف الضيف من حاله أنه يشق عليه، وأنه يتكلفه له، فيتأذى الضيف، لشفقته عليه، وكل هذا مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه" لأن أكمل إكرامه إراحة خاطره، وإظهار السرور به، وأما فعل الأنصاري، وذبحه الشاة فليس مما يشق عليه، بل لو ذبح أغناماً وإبلاً وأنفق أموالاً في ضيافة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه -رضي الله عنهما- كان مسروراً بذلك، مغبوطاً فيه وسيأتي باب خاص لإكرام الضيف في آخر كتاب الأطعمة والأشربة.
٤٣ - ومن النهي عن ذبح الحلوب كراهة ذبحها، إذا وجد غيرها، ولم تكن هناك حاجة لها، لأن في ذبحها حرماناً لأهل البيت من رزق اللبن.
٤٤ - ومن قوله "فلما أن شبعوا" جواز الشبع، وأما ما جاء في كراهة الشبع فمحمول على المداومة عليه، لأنه يقسي القلب، وينسي أمر المحتاجين، قال القرطبي: وما جاء من النهي عن الشبع محمول على الشبع الذي يثقل المعدة، ويثبط صاحبه عن القيام للعبادة، ويفضي إلى البطر والأشر والنوم والكسل، وقد تنتهي كراهته إلى التحريم، بحسب ما يترتب عليه من المفسدة وذكر الكرماني تبعاً لابن المنير أن الشبع المذكور محمول على شبعهم المعتاد منهم، وهو أن الثلث للطعام، والثلث للشراب، والثلث للنفس. قال الحافظ: ويحتاج في دعوى أن تلك كانت عادتهم إلى نقل خاص، وإنما ذلك ورد في حديث حسن، أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه الحاكم من حديث المقدام بن معد يكرب، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه، حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن غلب الآدمي نفسه فثلث للطعام، وثلث للشراب، وثلث للنفس" قال الحافظ ابن حجر: وهل المراد بالثلث التساوي على ظاهر الخبر؟ أو التقسيم إلى ثلاثة أقسام متقاربة؟ محل احتمال.
قال الغزالي في الإحياء، واختلف في حد الجوع على رأيين. أحدهما أن يشتهي الخبز وحده، فمتى طلب الأدم فليس بجائع، ثانيهما أنه إذا وقع ريقه على الأرض لم يقع عليه الذباب، وذكر أن مراتب الشبع تنحصر في سبعة: الأول ما تقوم به الحياة، الثاني أن يزيد حتى يصوم ويصلي عن قيام، وهذان واجبان، الثالث أن يزيد حتى يقوى على أداء النوافل، الرابع أن يزيد حتى يقدر على التكسب، وهذان مندوبان، الخامس أن يملأ الثلث، وهذا جائز، السادس أن يزيد على ذلك، وبه يثقل البدن، ويكثر النوم، وهذا مكروه، السابع أن يزيد حتى يتضرر، وهي البطنة المنهي عنها، وهذا حرام. اهـ
٤٥ - ومن قوله "لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة" قال القاضي عياض: المراد السؤال عن القيام بحق شكره، قال النووي: والذي نعتقده أن السؤال هنا سؤال تعداد النعم، وإعلام