٧٧ - ومناولة الضيفان بعضهم بعضاً مما وضع بين أيديهم، على المائدة، لقوله في الرواية الثالثة عشرة "جعلت ألقيه إليه ولا أطعمه" قال الحافظ ابن حجر: فإنه لا فرق بين أن يناوله من إناء، أو يضم ذلك إليه في نفس الإناء الذي يأكل منه، وقال ابن بطال: إنما جاز أن يناول بعضهم بعضاً في مائدة واحدة، لأن ذلك الطعام قدم لهم بأعيانهم، فلهم أن يأكلوه كله، وهم فيه شركاء، وقد تقدم الأمر بأكل كل واحد مما يليه، فمن ناول صاحبه مما بين يديه فكأنه آثره بنصيبه، مع ما له فيه معه من المشاركة، وهذا بخلاف من كان على مائدة أخرى، فإنه وإن كان للمناول حق فيما بين يديه، لكن لا حق للآخر في تناوله منه، إذ لا شركة له فيه، وتعقب هذا المأخذ من قصة الخياط، لأنه طعام اتخذ للنبي صلى الله عليه وسلم، وقصد به صلى الله عليه وسلم والذي جمع له الدباء خادمه، فلا يحتج بذلك على جواز مناولة الضيفان بعضهم بعضاً مطلقاً.
٧٨ - وفيه جواز ترك المضيف الأكل مع الضيف، ويحتمل أن الطعام كان قليلاً، فآثرهم به، ويحتمل أنه كان شبعان، أو كان صائماً.
٧٩ - ومن قول أنس "فلم أزل أحب الدباء منذ يومئذ" الحرص على التشبه بأهل الخير، والاقتداء بهم في المطاعم وغيرها.
٨٠ - وفيه فضيلة ظاهرة لأنس رضي الله عنه لاقتفائه أثر النبي صلى الله عليه وسلم، حتى في الأشياء الجبلية.