(لا تقارنوا، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الإقران إلا أن يستأذن الرجل أخاه) في الرواية السادسة "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرن الرجل بين التمرتين" يقال: قرن البسر جمع بين الإرطاب والإبسار وقرن الشيء بالشيء قرناً وقراناً جمع بينهما، وأقرن فلان جمع بين شيئين، والمراد هنا النهي عن جمع تمرتين عند إدخالهما الفم، وهو مظهر من مظاهر الجشع، والمراد بالأخ الرفيق الذي اشترك معه في ذلك التمر، وفي الرواية السادسة "حتى يستأذن أصحابه" أي الذين يشاركونه ذلك الطعام.
(قال شعبة: لا أرى هذه الكلمة إلا من كلمة ابن عمر -يعني الاستئذان)"لا أرى" بضم الهمزة، أي لا أظن، ولفظ "كلمة" يطلق على الكلمة الواحدة، وعلى الكلام الكثير، فيقال: ألقى فلان كلمة، ويراد خطبة، فالمعنى شك شعبة في جملة "إلا أن يستأذن الرجل أخاه" هل هي من قول الرسول صلى الله عليه وسلم، فهي مرفوعة؟ أو هي من كلام ابن عمر فهي موقوفة؟ قال النووي: وهذا الذي قاله شعبة لا يؤثر في رفع الاستئذان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه نفاه بظن وحسبان، وقد أثبته سفيان في الرواية الثانية فثبت، أي في الرواية السادسة، فسندها عن سفيان عن جبلة بن سحيم قال: سمعت ابن عمر يقول: إلخ.
(لا يجوع أهل بيت عندهم التمر) النفي نفي انبغاء، أي لا ينبغي أن يجوعوا، فعندهم زادهم، ولا يعتبرون جياعاً، وإن جاعوا، فسبب الجوع غالباً فقدان الطعام، وهم غير فاقدين، وفي الرواية الثامنة "بيت لا تمر فيه جياع أهله" وهو من قبيل الادعاء والمبالغة، أي إن التمر هو القوت، وكأن غيره من الأقوات لا يعتد به، فالقوت موجود ما وجد التمر، والقوت منعدم ما انعدم التمر.
(من أكل سبع تمرات مما بين لابتيها حين يصبح) الضمير للمدينة، واللابة الحرة من الأرض، وهي الأرض ذات الحجارة السود، وللمدينة لابتان، والمقصود مما بين حدودها من جميع الجهات، من تمر نخلها.
(لم يضره سم حتى يمسي) السم معروف، وهو بفتح السين وضمها وكسرها، والفتح أفصح.
(إن في عجوة العالية شفاء، أو إنها ترياق، أول البكرة)"العالية" ما كان من الحدائق والزروع والبيوت والقرى من جهة المدينة العليا، مما يلي نجد، والسافلة من الجهة الأخرى، مما يلي تهامة، قال القاضي: وأدنى العالية ثلاثة أميال، وأبعدها ثمانية أميال. اهـ
وهذا التقدير على أساس المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد دخلت العالية والسافلة اليوم في صلب مباني المدينة.