رسول الله صلى الله عليه وسلم أم كان يتركه تنزهاً؟ . اهـ احتج القائلون بالتحريم بقوله صلى الله عليه وسلم "فإني أناجي من لا تناجي" فالعلة في المنع ملازمة الملك له صلى الله عليه وسلم، وما من ساعة إلا وملك يمكن أن يلقاه فيها، واحتج القائلون بالكراهة -وهو الأصح- بقوله صلى الله عليه وسلم -فيما رواه مسلم- "أيها الناس، إنه ليس لي تحريم ما أحل الله لي، ولكنها شجرة أكره ريحها؟ وبقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي أيوب، روايتنا الواحدة والعشرين، حين قال له أبو أيوب: أحرام هو؟ قال "لا. ولكني أكرهه" ومن قال بالتحريم يقول: المراد ليس لي أن أحرم على أمتي ما أحل الله لها، ويقول: أحرام هو علينا؟ قال: لا، أي ليس حراماً عليكم. وهو تأويل بعيد.
(هـ) والحكمة في النهي عن الثوم ونحوه عند الجماعات حماية الجماعة من التأذي بالرائحة الكريهة، وهذا ظاهر من قوله "فيعتزلنا" و"فلا يقربن مسجدنا" و"ليقعد في بيته" وقيل: كراهة تأذي الملائكة، فقد روى مسلم "من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم".
والتعليل الأول أصح، فإن بعض الملائكة يلازم ابن آدم حين يأكل الثوم، وحين يعده للطهي. والله أعلم.
٢٨ - ويؤخذ أيضاً من حديث أبي أيوب من قوله "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتي بطعام أكل منه، وبعث بفضله إلي" أنه يستحب للآكل والشارب أن يفضل مما يأكل ويشرب، فضلة يواسي بها من بعده، لاسيما إن كان ممن يتبرك بفضلته، وكذا إذا كان في الطعام قلة، ولهم إليه حاجة، ويتأكد هذا في حق الضيف، لاسيما إذا كانت عادة أهل الطعام أن يخرجوا كل ما عندهم، وتنتظر عيالهم الفضلة، كما يفعله كثير من الناس، ونقلوا أن السلف كانوا يستحبون إفضال هذه الفضلة المذكورة. قاله النووي.
٢٩ - وفيه منقبة عظيمة لأبي أيوب الأنصاري، حيث نزل صلى الله عليه وسلم عنده.
٣٠ - وأدب أبي أيوب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث نزل إلى السفل، ووافق رسول الله صلى الله عليه وسلم في ترك أكل الثوم.
٣١ - وفيه إجلال أهل الفضل، والمبالغة في الأدب معهم.