للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السبعة للمبالغة في التكثير، كما في قوله تعالى: {والبحر يمده من بعده سبعة أبحر} [لقمان: ٢٧] والمعنى أن من شأن المؤمن التقلل من الدنيا ومن الأكل، لاشتغاله بأسباب العبادة، ولعلمه بأن مقصود الشرع من الأكل ما يسد الجوع، ويمسك الرمق، ويعين على العبادة، ولخشيته أيضاً من حساب ما زاد على ذلك، والكافر بخلاف ذلك كله، فإنه لا يقف عند مقصود الشرع، بل هو تابع لشهوة نفسه، مسترسل فيها، غير خائف من تبعات الحرام، فصار أكل المؤمن -لما ذكر- إذا نسب إلى أكل الكافر كأنه بقدر السبع منه، ولا يلزم من هذا اطراده في حق كل مؤمن وكافر، فقد يكون في المؤمنين من يأكل كثيراً إما بحسب العادة، وإما لعارض يعرض له، من مرض أو غيره، ويكون في الكفار من يأكل قليلاً، إما لمراعاة الصحة على رأي الأطباء، وإما للرياضة على رأي الرجحان، وإما لعارض، كضعف المعدة.

(ج) القول الثالث: أن المراد بالمؤمن في هذا الحديث التام الإيمان، لأن من حسن إسلامه، وكمل إيمانه اشتغل فكره فيما يصير إليه من الموت وما بعده، فيمنعه شدة الخوف وكثرة الفكر والإشفاق على نفسه من استيفاء شهوتها، وقد ورد في الحديث "من كثر تفكره قل طعمه، ومن قل تفكره كثر طعمه وقسا قلبه" فدل على أن المراد بالمؤمن من يقتصد في مطعمه، وأما الكافر فمن شأنه الشره، فيأكل بالنهم، كما تأكل البهيمة.

وقد رده الخطابي، فقال: قد جاء عن غير واحد من أفاضل السلف الأكل الكثير، فلم يكن ذلك نقصاً في إيمانهم.

(د) الرابع أن المراد أن المؤمن يسمي الله تعالى عند طعامه وشرابه، فلا يشركه الشيطان، فيكفيه القليل، والكافر لا يسمي، فيشركه الشيطان.

(هـ) الخامس أن المؤمن يقل حرصه على الطعام، فيبارك له فيه، فيشبع من القليل، والكافر طامح البصر إلى المأكل، كالأنعام، فلا يشبعه القليل. وهذا يمكن ضمه إلى الذي قبله، ويجعلان جواباً واحداً مركباً.

(و) السادس: قال النووي: المختار أن المراد أن أكثر المؤمنين يأكل في معي واحد، وأن أكثر الكفار يأكلون في سبعة أمعاء، ولا يلزم أن يكون كل واحد من السبعة مثل معي المؤمن. اهـ

قال الحافظ ابن حجر: ويدل على تفاوت الأمعاء ما ذكره القاضي عياض عن أهل التشريح أن أمعاء الإنسان سبعة: المعدة، ثم ثلاثة أمعاء بعدها، متصلة بها، البواب، ثم الصائم، ثم الرقيق والثلاث رقاق، ثم الأعور، والقولون، والمستقيم، وكلها غلاظ، فيكون المعنى أن الكافر لكونه يأكل بشراهة لا يشبعه إلا ملء أمعائه السبعة، والمؤمن يشبعه ملء معي واحد.

(ز) السابع: قال النووي: يحتمل أن يريد بالسبعة في الكافر صفات، هي: الحرص والشره وطول الأمل والطمع وسوء الطبع والحسد وحب السمن، والواحد في المؤمن سد خلة.

(ح) الثامن: قال القرطبي: شهوات الطعام سبع: شهوة الطبع، وشهوة النفس، وشهوة العين،

<<  <  ج: ص:  >  >>