للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يوم القيامة" والتجلجل بجيمين التحرك، وقيل: الجلجلة الحركة مع صوت، وقال ابن فارس: التجلجل أن يسوخ في الأرض مع اضطراب شديد، ويندفع من شق إلى شق.

وحكى عياض أنه روى "يتجلل" بجيم واحدة ولام ثقيلة، وهو بمعنى يتغطى، أي تغطيه الأرض، وحكي عن بعض الروايات أيضاً "يتخلخل" بخاءين، واستبعدها، إلا أن يكون من قولهم: خلخلت العظم، إذا أخذت ما عليه من اللحم، وجاء في غير الصحيحين "يتحلحل" بحاءين. قال الحافظ ابن حجر: والكل تصحيف، إلا الأول.

-[فقه الحديث]-

سبق الكلام عن هذا الموضوع في كتاب الإيمان، عند شرح حديث "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم. المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب" وكان فيما قلناه.

المسبل إزاره، المرضى له، إما أن يكون إسباله لمجرد العرف والعادة، وإما أن يكون لستر عيب، وإما أن يكون لغير قصد، وإما أن يكون بدافع الكبر والخيلاء.

ولا شك أن المقصود في الحديث هو الأخير، يدل على ذلك التقييد في روايتنا الأولى والثانية والثالثة والخامسة بالخيلاء، وفي الرابعة "لا يريد بذلك إلا المخيلة"، وفي السابعة وعند البخاري التقييد بقوله "بطراً" وفي رواية البخاري "فقال: أبو بكر: يا رسول الله، إن أحد شقي إزاري يسترخي، إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لست ممن يصنعه خيلاء" وكان أبو بكر رجلاً نحيفاً، لا يكاد يمسك إزاره بوسطه.

ففي هذه الأحاديث دلالة على أن التحريم لإسبال الثوب قاصر على ما إذا كان على وجه التكبر والخيلاء، أما الإسبال لغير خيلاء فظاهر الروايات المطلقة أنه حرام أيضاً، لكن التقييد فيما ذكرنا من الأحاديث الصحيحة يدل على أن الإطلاق في الزجر الوارد في ذم الإسبال محمول على المقيد، فلا يحرم الجر والإسبال إذا سلم من الخيلاء.

وقد نص الشافعي على الفرق بين الجر للخيلاء ولغير الخيلاء، وقال: والمستحب أن يكون الإزار إلى نصف الساق، والجائز بلا كراهة ما تحت نصف الساق إلى الكعبين، وما نزل عن الكعبين ممنوع منع تحريم إن كان للخيلاء، وإلا فمنع تنزيه، لأن الأحاديث المطلقة الواردة في الزجر عن الإسبال يجب تقييدها بالإسبال للخيلاء. اهـ

وفي حديث صلاة الكسوف عند البخاري "فقام يجر ثوبه مستعجلاً فإن فيه أن الجر إذا كان بسبب الإسراع لا يدخل في النهي، فيشعر بأن النهي يختص بما كان للخيلاء.

أما من كره الإسبال والجر مطلقاً فإنه يرى أن فيه إسرافاً، وتشبهاً بالنساء، وتعريضاً للنجاسة، كما أن فيه مظنة الخيلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>