فيها شبه كذا. وأما المياثر، فشيء كانت تجعله النساء لبعولتهن على الرحل، كالقطائف الأرجوان.
٤٧٩٩ - عن أبي بردة قال: قال علي رضي الله عنه: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتختم في إصبعي هذه، أو هذه. قال: فأومأ إلى الوسطى والتي تليها.
-[المعنى العام]-
كان الرجال والنساء من الفرس والروم يتحلون بالذهب، وكان الأكاسرة والقياصرة وذوو الجاه والأموال يلبسون الأساور الذهبية العريضة التي تملأ الساعد، ويتخذون القلائد والتيجان والسلاسل الذهبية كمظهر من مظاهر الزينة والفخر والخيلاء والكبر والعلو في الأرض، وكما سبق كانوا يأكلون ويشربون في أواني الذهب والفضة، ومثل ذلك وأكثر كان الفراعنة في مصر يفعلون، وما الآثار الذهبية لتوت عنخ آمون إلا رمز لهذه المظاهر، أما العرب فكانوا يعيشون في البوادي، وحضرهم أقرب إلى البادية منها إلى قصور الفرس والروم، كانوا يسمعون عن حلي الذهب أو يرون ولا يملكون، ويوم أن لمسوا ثوباً من الحرير تعجبوا لحسنه انبهاجاً وانبهاراً، حتى قال لهم صلى الله عليه وسلم: لا تعجبوا فمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذا، وقد وعدهم الله هذه الحلي في الجنة، فقال {يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً}[الحج: ٢٣] وفطمهم صلى الله عليه وسلم عن التطلع إليها في الدنيا، فقال:"هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة" وكان صلى الله عليه وسلم يعلم بما أوحى الله إليه أن العرب سيملكون ملك كسرى وقيصر، وأن الدنيا ستفتح عليهم وأن الذهب سيفيض بين أيديهم، وخشي صلى الله عليه وسلم على رجال أمته أن ينعموا وينصرفوا إلى زينة النساء، فيضعفوا ويخضعوا، ويذلوا، فاتجه إلى أقل وأحقر شيء في لبس الذهب، وهو الخاتم، الخاتم الذي يوضع في إصبع من أصابع اليد، ولا يكاد يرى فحرمه، حرمه عملاً وقولاً، لبس خاتم الذهب ثلاثة أيام، فبادر المسلمون واتخذوا مثله خواتم من ذهب، فصعد المنبر، وخطبهم، ورفع يده أمامهم وخلع الخاتم من إصبعه، ورماه، وأسمع من لم ير، فقال: إني كنت قد لبست خاتماً من ذهب في يميني، فوالله لا ألبسه أبداً، إن من يلبس في إصبعه خاتماً من ذهب فكأنه يضع جمرة من النار في يده، فنزع المسلمون خواتمهم الذهبية من أيديهم، ومضت أيام وشهور، وعقدت هدنة الحديبية، وأمن المسلمون
كفار قريش، فاتجه صلى الله عليه وسلم إلى دعوة الملوك، كسرى وقيصر والنجاشي، وقرر إرسال كتب إليهم، فقيل له: إنهم لا يعتمدون كتاباً غير مختوم بخاتم مرسله، فصنع له خاتم من فضة، نقش عليه: محمد رسول الله، وفي يوم وليلة انتشر في أيدي الصحابة خواتم، منقوش عليها محمد رسول الله؛ تبركاً وإعلاناً وتشرفاً، وكان في هذا تضييعاً للهدف من النقش، وأنه للختم به على الرسائل، فغضب صلى الله عليه وسلم، ورمى بخاتمه، وقال لهم: لا ينقش أحد منكم على خاتمه مثل نقشي، فرمى