فهو يتزين بالباطل، كما يتزين من لا يملك ثياباً بثوبين يستعيرهما، مظهراً امتلاكهما، فهو تزوير مضاعف، وقال أبو عبيد وآخرون: هو الذي يلبس ثياب أهل الزهد والعبادة والورع، ومقصوده أن يظهر للناس أنه متصف بتلك الصفة، ويظهر من التخشع والزهد أكثر مما في قلبه، فهذه ثياب زور ورياء، ومثل هذا يقال في العالم والصانع والزارع، وقيل: هو كمن يلبس ثوبين لغيره، موهماً أنهما له، وقيل: هو من يلبس قميصاً واحداً، ويصل بكميه كمين آخرين، ليظهر أن عليه قميصين.
وحكى الخطابي أن المراد هنا بالثوب المذهب والحالة، والعرب تكني بالثوب عن حال لابسه، ومعناه أنه كالكاذب القائل ما لم يكن، أو أن المراد الرجل الذي تطلب منه شهادة زور، فيلبس ثوبين، يتجمل بهما، فلا ترد شهادته، لحسن هيئته. اهـ
وكل هذه الأقوال من قبيل التمثيل، ومراد الحديث أن المتشبع بما لم يعط مزور تزويراً مضاعفاً.
-[فقه الحديث]-
نقاط هذه الأحاديث ست نقاط:
١ - الواصلة والمستوصلة.
٢ - الواشمة والمستوشمة.
٣ - النامصة والمتنمصة.
٤ - المتفلجة للحسن.
٥ - المتشبعة بما لم تعط.
٦ - ما يؤخذ من الأحاديث فوق ما ذكر.
١ - أما عن وصل المرأة شعر رأسها فقد قال النووي: هذه الأحاديث صريحة في تحريم الوصل، ولعن الواصلة والمستوصلة مطلقاً، وهذا هو الظاهر المختار، وقد فصله أصحابنا، فقالوا: إن وصلت شعرها بشعر آدمي فهو حرام، بلا خلاف -أي عند الشافعية- سواء كان شعر رجل أو امرأة، وسواء شعر المحرم والزوج وغيرهما، بلا خلاف -عند الشافعية- لعموم الأحاديث، ولأنه يحرم الانتفاع بشعر الآدمي وسائر أجزائه، لكرامته، بل يدفن شعره وظفره وسائر أجزائه، وإن وصلته بشعر غير آدمي، فإن كان شعراً نجساً، وهو شعر الميتة، وشعر ما لا يؤكل لحمه إذا انفصل في حياته، فهو حرام أيضاً، للحديث، ولأنه حمل نجاسة في صلاته وغيرها عمداً، وسواء في هذين النوعين الزوجة وغيرها من النساء والرجال.
قال: وأما الشعر الطاهر من غير الآدمي، فإن لم يكن لها زوج ولا سيد فهو حرام، وإن كان فثلاثة أوجه: أحدها لا يجوز، لظاهر الأحاديث، والثاني لا يحرم، وأصحهما عندهم، إن فعلته بإذن الزوج أو السيد جاز، وإلا فهو حرام. هذا تلخيص كلام أصحابنا في المسألة.