للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بقي التعليل بالغش والخداع والتزوير على من هو صاحب الحق، من زوج وخاطب وقاض ونحوهم، ونحن مع منع الوصل في تلك الحالات، أما حين يعلم الشعر الموصول من غير الموصول لدى عامة الناس سواء كان الوصل بشعر آدمي أو شعر غيره، أو شعر صناعي، فقد بعد عن التزوير والغش، ودخل في دائرة التجميل والتزين، ومثل ذلك "الباروكة" وحمل الشعر بدون وصل. والله أعلم.

قال الحافظ ابن حجر: "كما يحرم على المرأة الزيادة في شعر رأسها، يحرم عليها حلق شعر رأسها بغير ضرورة، وقد أخرج الطبري عن ابن عباس قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها" وعند أبي داود "ليس على النساء حلق، إنما على النساء التقصير". اهـ

وما حكم به الحافظ غير مسلم، ففي الحج، الحلق للرجال أفضل، والتقصير للنساء أفضل، وحديث أبي داود يرفع وجوب الحلق واستحبابه، ويبقى جوازه، وحديث الطبري ضعيف، فالقول بتحريم حلق المرأة شعرها قول لا يستند إلى دليل، بقي أن نقول: إن المراد بالحلق إزالة الشعر من فروة الرأس وجلدها، أما ما نراه في هذه الأيام عند بعض النساء فهو من قبيل التقصير، ولا بأس به.

٢ - النقطة الثانية الواشمة والمستوشمة. قال النووي: الوشم حرام على الفاعلة والمفعول بها باختيارها، والطالبة له لنفسها، وقد يفعل بالبنت وهي طفلة، فتأثم الفاعلة، ولا تأثم البنت، لعدم تكليفها حينئذ، قال أصحابنا: هذا الموضع الذي وشم يصير نجساً [لأن الدم انحبس فيه] فإن أمكن إزالته بالعلاج وجبت إزالته، وإن لم يمكن إلا بالجرح، فإن خاف منه التلف أو فوات عضو، أو منفعة عضو، أو شيئاً فاحشاً في عضو ظاهر، لم تجب إزالته، فإذا بان لم يبق عليه إثم، وإن لم يخف شيئاً من ذلك ونحوه لزمه إزالته، ويعصى بتأخيره، وسواء في هذا كله الرجل والمرأة. اهـ

والقول بنجاسة موضع الوشم، لانحباس الدم فيه غير مسلم، فما أكثر الجراحات التي تحشى ويكتم الدم فيها، ولا يقال عن موضعها نجس، وربما كانت علة النهي أنه نوع من الزينة الظاهرة المتخذة لغير الزوج.

٣ - أما النامصة والمتنمصة فقد قال النووي: النمص حرام، إلا إذا نبتت للمرأة لحية أو شوارب، فلا تحرم إزالتها، بل يستحب عندنا، وقال ابن جرير الطبري: لا يجوز حلق لحيتها، ولا عنفقتها ولا شاربها، ولا تغيير شيء من خلقتها بزيادة ولا نقص، التماس الحسن، لا لزوج ولا لغيره، كمن تكون مقرونة الحاجبين، فتزيل ما بينهما، توهم البلج أو عكسه، فكل ذلك داخل في النهي، وهو من تغيير خلق الله تعالى، قال: ويستثنى من ذلك ما يحصل به الضرر والأذية. اهـ

وقال بعض الحنابلة: إن كان النمص قد أصبح شعاراً للفواجر منع، وإلا فيكون تنزيهاً، وفي رواية: يجوز بإذن الزوج، لأنه من الزينة، وقد أخرج الطبري من طريق أبي إسحق، عن امرأته: أنها دخلت على عائشة -وكانت شابة يعجبها الجمال، فقالت: المرأة تحف جبينها لزوجها؟ فقالت: أميطي عنك الأذى ما استطعت. اهـ وهذا مذهب قوي، نفتي به إن شاء الله.

٤ - وأما المتفلجات فيقول النووي: هذا الفعل حرام على الفاعلة والمفعول بها، لهذه الأحاديث، ولأنه تغيير لخلق الله تعالى، ولأنه تزوير، ولأنه تدليس.

<<  <  ج: ص:  >  >>