يمكن حصر فقه الحديث في أربع نقاط: التكني بكنية النبي صلى الله عليه وسلم، والتسمية باسمه، والتسمية بما يوهم، وما يؤخذ من الحديث:
١ - أما التكنية بكنيته، فقد ورد النهي عنها، ولا تكنوا بكنيتي" في الرواية الأولى والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والثامنة قال النووي: اختلف العلماء في هذه المسألة على مذاهب كثيرة، جمعها القاضي وغيره:
أحدها: مذهب الشافعي وأهل الظاهر أنه لا يحل التكني بأبي القاسم لأحد أصلاً، سواء كان اسمه محمداً، أو أحمد، أم لم يكن، لظاهر هذا الحديث "لا تكنوا بكنيتي".
والثاني: أن هذا النهي منسوخ، فإن هذا الحكم كان في أول الأمر، للمعنى المذكور في الحديث، ثم نسخ [أي كان النهي خاصاً بحياته صلى الله عليه وسلم خوف التباس نداء غيره بندائه، وقد زال هذا الالتباس بعده صلى الله عليه وسلم] قالوا: فيباح التكني اليوم بأبي القاسم، لكل أحد، سواء من اسمه محمد وأحمد وغيره، وهذا مذهب مالك، قال القاضي: وبه قال جمهور السلف وفقهاء الأمصار وجمهور العلماء، قالوا: وقد اشتهر أن جماعة تكنوا بأبي القاسم في العصر الأول وفيما بعد ذلك إلى اليوم، مع كثرة فاعل ذلك، وعدم الإنكار.
الثالث: أن النهي ليس بمنسوخ، ولكنه للتنزيه والأدب، لا للتحريم، وهو مذهب ابن جرير الطبري.
الرابع: أن النهي عن التكني بأبي القاسم مختص بمن اسمه محمد أو أحمد، ولا بأس بالكنية وحدها لمن لا يسمي بواحد من الاسمين، وهذا قول جماعة من السلف، وجاء فيه حديث مرفوع عن جابر.
الخامس: أنه ينهى عن التكني بأبي القاسم مطلقاً، وينهى عن التسمية بالقاسم، لئلا يكنى أبوه بأبي القاسم، [وهو مذهب بعض الظاهرية] وقد غير مروان بن الحكم اسم ابنه عبد الملك، حين بلغه هذا الحديث، فسماه عبد الملك، وكان سماه أولاً القاسم، وفعله بعض الأنصار أيضاً.
ثم قال: وأما غير أبي القاسم من الكنى، فأجمع المسلمون على جوازه، سواء كان له ابن أو بنت، فكني بها، أو لم يكن له ولد، أو كان صغيراً، أو كني بغير ولده، ويجوز أن يكنى الرجل بأبي فلان أو بأبي فلانة، وأن تكنى المرأة بأم فلان وبأم فلانة، وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكني صبياً صغيراً، هو أخو أنس، كان يقول له: يا أبا عمير. ما فعل النغير؟ اهـ.
والحديث الذي أشار إليه النووي في المذهب الرابع أخرجه أحمد وأبو داود وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان عن جابر رضي الله عنه رفعه "من تسمى باسمي فلا يكتني بكنيتي، ومن اكتنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي" وفي لفظ "إذا سميتم بي فلا تكنوا بي، وإذا كنيتم بي فلا تسموا بي"، وفي لفظ للبخاري في الأدب المفرد "لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي" وفي لفظ عند أبي يعلى "من تسمى باسمي فلا يكتني بكنيتي".