الأبهري، "وقبل أبو عبيدة يد عمر، حين قدم" أخرجه سفيان في جامعه، "وقبل زيد بن ثابت يد ابن عباس، حين أخذ ابن عباس بركابه" أخرجه الطبري وابن المقري، وذكر الترمذي من حديث صفوان بن عسال "أن يهوديين أتيا النبي صلى الله عليه وسلم، فسألاه عن تسع آيات .... الحديث، وفي آخره "فقبلا يده ورجله" قال الترمذي: حسن صحيح وأخرجه أيضاً للنسائي وابن ماجه وصححه الحاكم، وأخرج أبو داود حديث الزارع العبدي، وكان في وفد عبد القيس قال "فجعلنا نتبادر من رواحلنا، فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم، فقبلنا يده" قال الحافظ ابن حجر: وسنده قوي، وأخرج أيضاً من حديث بريدة، في قصة الأعرابي والشجرة، فقال: يا رسول الله، ائذن لي أن أقبل رأسك ورجليك، فأذن له" وأخرج البخاري في الأدب المفرد، من رواية عبد الرحمن بن رزين قال:"أخرج لنا سلمة بن الأكوع كفاً له ضخمة، كأنها كف بعير، فقمنا إليها، فقبلناها" وعن ثابت "أنه قبل يد أنس" وأخرج أيضاً "أن علياً قبل يد العباس ورجله" وأخرج ابن المقري من طريق أبي مالك الأشجعي، "قال: قلت لابن أبي أوفى: ناولني يدك التي بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فناولنيها، فقبلتها".
قال النووي: تقبيل يد الرجل لزهده وصلاحه، أو علمه، أو شرفه، أو صيانته، أو نحو ذلك، من الأمور الدينية، لا يكره، بل يستحب، فإن كان لغناه، أو شوكته، أو جاهه عند أهل الدنيا، فمكروه شديد الكراهة. اهـ
وكرهها مالك، وأنكر ما ورد فيه. قال الأبهري: وإنما كرهها مالك إذا كانت على وجه التكبر والتعظم، وأما إذا كانت على وجه القربة إلى الله، لدينه، أو لعلمه، أو لشرفه، فإن ذلك جائز.
(د) والمعانقة والتقبيل، وعند أحمد من حديث أبي ذر، "قال رجل لأبي ذر: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصافحكم إذا لقيتموه؟ قال: ما لقيته قط إلا صافحني، وبعث إلي ذات يوم، فلم أكن في أهلي، فلما جئت أخبرت أنه أرسل إلي، فأتيته، وهو على سريره، فالتزمني، فكان أجود وأجود" قال الحافظ ابن حجر: ورجاله ثقات، وأخرج الطبراني في الأوسط، من حديث أنس "كانوا إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا".
قال ابن بطال: اختلف الناس في المعانقة، فكرهها مالك، وأجازها ابن عيينة.
وأخرج الترمذي عن عائشة، قالت: قدم زيد بن حارثة المدينة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، فقرع الباب، فقام إليه النبي صلى الله عليه وسلم، يجر ثوبه، فاعتنقه وقبله "قال الترمذي: حديث حسن.
(هـ) والقيام للقادم على وجه البر والإكرام جائز، بل مستحب، فقد أخرج البخاري عن أبي سعيد رضي الله عنه قال "إن أهل قريظة نزلوا على حكم سعد، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليه، فجاء، فقال: قوموا إلى سيدكم -أو قال: خيركم- فقعد عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: هؤلاء نزلوا على حكمك، قال: فإني أحكم أن نقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، فقال: لقد حكمت بما حكم به الملك".
قال ابن بطال: في هذا الحديث أمر الإمام الأعظم بإكرام الكبير من المسلمين، ومشروعية إكرام