بالأسهل، وهو ضد العنف، وفي الرواية الخامسة "يا عائشة، لا تكوني فاحشة" وفي ملحقها "مه يا عائشة، فإن الله لا يحب الفحش والتفحش" و"مه" اسم فعل للزجر عن الشيء بمعنى اكففي، والفحش كل ما خرج عن الحدود، ولو لم يكن عيباً شرعياً، ويدخل في القول والفعل والصفة، يقال: طول فاحش، إذا أفرط في الطول، لكن استعماله في القول أكثر، وقيل: الفحش القبح والمتفحش بتشديد الحاء وكسرها الذي يتعمد ذلك، ويكثر منه ويتكلفه، وأغرب الداودي، فقال: الفاحش الذي يقول الفحش، والمتفحش الذي يستعمل الفحش، ليضحك الناس.
قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن لا يتعود لسانها بالفحش، أو أنكر عليها الإفراط في السب. اهـ أي فقال لها ما قال بعد أن خرجوا.
-[فقه الحديث]-
ما يتعلق ببدء أهل الكتاب بالسلام والرد عليهم سبق في الباب قبله، وما يتعلق بكيفية الرد عليهم سبق في المباحث العربية
-[وبقي بعض ما يؤخذ من الأحاديث. فيؤخذ منها: ]-
١ - ما كان عليه اليهود من الخداع والتربص بالمسلمين.
٢ - ظهور الكبير بمظهر المنخدع، لمصلحة التآلف، قال النووي: في هذا الحديث استحباب تغافل أهل الفضل عن سفه المبطلين، إذا لم يترتب عليه مفسدة، قال الشافعي: الكيس العاقل هو الفطن المتغافل.
٣ - استدل بالروايات الثلاث الأول على أن الرد بقوله "عليكم" أو "وعليكم" خاص بالكفار، فلا يجزئ في الرد على المسلم، وقيل: إن أجاب بالواو أجزأ.
٤ - استدل بلعن عائشة لليهود المعينين على جواز لعن الكافر المعين، ولا سيما إذا صدر منه ما يقتضي التأديب، ويحتمل أنها -رضي الله عنها- تقدم لها علم بأن المذكورين يموتون على الكفر، فأطلقت اللعن، ولم تقيده بالموت.
وسيأتي الكلام على جواز لعن المشرك المعين الحي.
٥ - لما كان اليهود أهل ذمة، وطلب الرد عليهم بعبارة خاصة أخذ بعضهم جواز الرد على أهل الذمة، ومنع الرد على أهل الحرب.
٦ - الحث على الرفق في الأمور كلها.
٧ - من قوله في الرواية السادسة "نجاب عليهم ولا يجابون علينا" أن دعوة الكافر والفاسق الظالمة على المسلم لا تجاب، وتجاب دعوة المسلم على الكافر.
٨ - ما كانت عليه عائشة -رضي الله عنها- من الفطنة، والغيرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والجرأة في الحق، والانتصار لأهل الفضل ممن يؤذيهم. والله أعلم