الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} [النور: ٣٠، ٣١]. {يا أيها الذين ءامنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم}[النور: ٥٨]. {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا}[النور: ٥٩]. {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن}[النور: ٦٠]. {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين}[الأحزاب: ٥٩]. {لا جناح عليهن في ءابائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن واتقين الله إن الله كان على كل شيء شهيدا}[الأحزاب: ٥٥].
ومن المعلوم أن الوقاية خير من العلاج، وليس في اتخاذ الحيطة والحذر اتهام أو إساءة للرجال أو النساء فحماية المرأة من الأخطار لا ينقصها بل يرفع من شأنها وقيمتها، فالجوهرة الثمينة هي التي يحافظ عليها، وتتخذ الوسائل لوقايتها، حتى من أعين الناظرين، والمهملات هي التي لا يهتم بها وتلقى في السلة وفي الطرقات، ولذلك وصف الله نساء الجنة والحور بأنهن مقصورات في الخيام، كأمثال اللؤلؤ المكنون.
ولما كان دخول الرجال على النساء من أخطر مقدمات الزنا، ومن بواعثه، ومن فرصه المهيأة والوسيلة الأولى ليمارس الشيطان بها غوايته وتزيينه، فما اجتمع رجل وامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، رسوله إليها، ورسولها إليه، لما كان ذلك كذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دخول الرجال الأجانب على النساء في غيبة أزواجهن، فقال بأسلوب الحزم والتحذير: إياكم والدخول على النساء، فقال أحد السامعين: يا رسول الله، أقارب الزوج، وأقارب الزوجة؟ لا يدخلون؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم الخطر الأكبر، الشر من جانبهم أكثر من الشر من الأجانب، لأن تمكنهم من الإقامة دون إنكار من المجتمع يهيئ لهم فرصة الغواية أكثر من غيرهم، فهم كالموت، الذي هو خطر لا بد منه.
إن النساء حبائل الشيطان، يستخدمهن كشباك لصيده، بل يستخدمهن للوسوسة في صدور الرجال، ولإيقاع ظن السوء في قلوب البعض عن البعض، فإذا رأى رجلاً وامرأة حدث من رآهم، ليظنوا بهم سوءاً، ولو كانا أخوين أو زوجين، حتى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد رؤي مع زوجته السيدة صفية ليلة من ليالي رمضان، خرج من المسجد من معتكفه ليوصلها إلى بيتها، رآه رجلان، فسلما، وأسرعا في المشي، فناداهما: يا فلان ويا فلان، تعاليا، فجاءا، فقال لهما: هذه التي معي زوجتي صفية بنت حيي، قالا: يا رسول الله، وهل نظن بك إلا خيراً؟ قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما وسوسة وشيئاً من ظن السوء.
عصم الله الرجال والنساء من السوء والفحشاء، وصرف عنهم جميعاً مكايد الشيطان.
-[المباحث العربية]-
(ألا لا يبيتن رجل)"ألا" أداة استفتاح تفيد تأكيد الجملة، وزيادة الاهتمام بمضمونها، والنهي