للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شيء" أي حاولوا علاجه بما جرت به عادتهم في علاج العقرب، فلم ينفعه علاجهم، وفي رواية "فشفوا" أي طلبوا له الشفاء، فلم يجدوا "فقال بعضهم: لو أتيتم هذا الرهط، الذين نزلوا، لعله أن يكون عند بعضهم شيء؟ فأتوهم، فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لدغ، وسعينا له بكل شيء، لا ينفعه، فهل عند أحد منكم شيء" أي ينفعنا؟ وكان فيمن أتى جارية، وهي التي تكلمت "فقال بعضهم: نعم. والله إني لأرقي، ولكن والله لقد استضفناكم، فلم تضيفونا، فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلاً، فصالحوهم على قطيع من الغنم" والقطيع الطائفة من الغنم وسائر النعم والغالب استعماله فيما بين العشرة والأربعين.

وفي بعض الروايات "إنا نعطيكم ثلاثين شاة" و"لديغ" فعيل بمعنى مفعول، واللدغ بالدال اللسع لفظاً ومعنى، قال الحافظ ابن حجر: واستعمال اللدغ في ضرب العقرب، مجاز، والأصل أنه الذي يضرب بفمه، أما الذي يضرب بمؤخره، فضربه اللسع، وقد يستعمل هذا مكان هذا تجوزاً، وفي الرواية الواحدة والعشرين "فإن سيد الحي سليم لدغ" والسليم هو اللديغ، سمي بذلك تفاؤلاً، من السلامة، وقيل: سليم بمعنى مستسلم لما به من الآلام.

(فقال رجل منهم: نعم. فأتاه) في الرواية الواحدة والعشرين "فقام معها رجل منا، ما كنا نظنه يحسن رقية" وفي رواية أن الذي قال ذلك هو أبو سعيد، راوي الحديث، ولفظه "قلت: نعم. أنا، ولكن لا أرقيه حتى تعطونا غنماً" قال الحافظ ابن حجر: وقد استشكل كون الراقي هو أبو سعيد، مع رواية "فقام معها رجل ما كنا نظنه يحسن رقية" وفيه "فلما رجع قلنا: أكنت تحسن رقية؟ " ففي ذلك إشعار بأنه غيره، والجواب أنه لا مانع من أن يكني الرجل عن نفسه، فلعل أبا سعيد صرح تارة، وكنى أخرى، قال: وأما حمل بعض الشارحين ذلك على تعدد القصة، وأن أبا سعيد روى قصتين، كان في إحداهما راقياً، وفي الأخرى كان الراقي غيره، فبعيد جداً، ولا سيما مع اتحاد المخرج والسياق والسبب، والأصل عدم التعدد، ولا حامل عليه، فإن الجمع بين الروايتين ممكن بدونه. اهـ

أقول: قول أبي سعيد: "فقام معها رجل" كثير في اللغة، فقد يجرد المتكلم من نفسه شخصاً يتحدث عنه، وأما قوله "ما كنا نظنه يحسن الرقية" ليس مستبعداً من القوم، ولا من أبي سعيد نفسه، فهو في نفسه يعتقد أنه لا يحسن رقية، وإنما ذهب معها محاولاً قراءة قرآن، واختار الفاتحة، وهو لا يدري أنها رقية، يؤكد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ما أدراك أنها رقية"؟ "ما كان يدريه أنها رقية"؟ وقول أبي سعيد نفسه، حيثما قيل له: أكنت تحسن رقية؟ قال: ما رقيته إلا بفاتحة الكتاب" أي وما كنت أظن أنها رقية، وما كنت أحسن رقية، وفي ملحق الرواية الواحدة والعشرين "ما كنا نأبنه برقية" "نأبنه" بكسر الباء وضمها، أي نظنه متلبساً برقية.

(إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي، وقراءتي يلبسها علي) أي حال بيني وبين التلذذ بالمناجاة في صلاتي، فشغلني عن الخشوع والاستغراق فيه، بالتفكير في أمور الدنيا، ويحتمل أن المراد حال بيني وبين إدراكها، فشككني في عدد ركعاتها، وفي قراءتي فيها، وخلطها علي، فلا أدري كم صليت؟ ولا كيف قرأت الفاتحة وغيرها، كل ذلك بالوسوسة.

(ذاك شيطان يقال له: خنزب) قال النووي: بكسر الخاء وسكون النون وكسر الزاي وفتحها،

<<  <  ج: ص:  >  >>