للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيسدون بهما فتحتي الأنف، ويستنشقون بقوة، والسعوط قد يكون دواء، يدخل في الأنف، وقد يكون طحين التبغ، يوضع في الأنف، وهو المعروف بالنشوق، وسيأتي في الرواية التاسعة عشرة أنه كان يسعط بالعود الهندي من العذرة.

(الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء) "فيح جهنم" بفتح الفاء وسكون الياء، وفي رواية "من فوح جهنم" بالواو، وفي روايتنا السادسة عشرة والسابعة عشرة "من فور جهنم" وكلها بمعنى واحد، والمراد سطوع حرها ووهجه، واختلف في نسبتها إلى جهنم، فقيل: حقيقة، واللهب والحرارة الحاصلة في جسم المحموم قطعة من جهنم، وقدر الله ظهورها بأسباب تقتضيها، ليعتبر العباد بذلك، كما أن أنواع الفرح واللذة من نعيم الجنة، أظهرها في هذه الدار عبرة ودلالة، وفي رواية "الحمى حظ المؤمن من النار" قال الحافظ ابن حجر: وهذا كما تقدم في حديث الأمر، بالإبراد بصلاة الظهر، من أن شدة الحر من فيح جهنم، وأن الله أذن لها بنفسين.

وقيل: الحديث هنا ورد مورد التشبيه، والمعنى أن حرارة الحمى شبيهة بحرارة جهنم، تنبيهاً للنفوس على شدة حر جهنم. اهـ

قال النووي: وأما "ابردوها"، في "فابردوها بالماء" فبهمزة وصل، وبضم الراء، يقال: بردت الحمى، أبردها، برداً، على وزن قتلتها أقتلها قتلاً، أي أسكنت حرارتها، كما قال في الرواية الأخرى "فأطفئوها بالماء" قال: وهذا الذي ذكرناه، من كونه بهمزة وصل وضم الراء، هو الصحيح الفصيح المشهور في الروايات وكتب اللغة وغيرها، وحكى القاضي عياض في المشارق: أنه يقال بهمزة قطع وكسر الراء في لغة قد حكاها الجوهري، قال: وهي لغة رديئة. اهـ وفي رواية عند ابن ماجه "بالماء البارد" وفي رواية "بماء زمزم".

(كانت تؤتى بالمرأة الموعوكة) أي المحمومة، والوعكة المرضة، ووعكة الحمى، يقال: وعك المرض فلاناً، أذاه وأوجعه، ووعكته الحمى، آلمته.

(فتدعو بالماء، فتصبه في جيبها) جيب القميص والجلباب الفتحة التي يدخل منه الرأس عند لبسه، والجمع جيوب وأجياب، وفي القرآن الكريم (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) [النور: ٣١] فالمعنى فتصب الماء من فتحة قميصها على صدرها، وفي ملحق الرواية "صبت الماء بينها وبين جيبها" أي بين جسد الموعوكة وبين فتحة قميصها، ولا يعرف لهذا الوضع من حكمة، ولعله من قبيل النشرة، التي سبق الكلام عنها قريباً.

(لددنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه) الذي مات فيه، واللدود بفتح اللام هو الدواء الذي يصب في أحد جانبي فم المريض بغير اختياره، واللدود بالضم الفعل، أي صب الدواء في جانب فم المريض، أو إدخال إصبع في فمه لدفع الدواء، يقال: لددت المريض، وألده، وحكى الجوهري، أيضاً ألددته، رباعياً.

ووقع عند الطبراني "أنهم أذابوا قسطاً بزيت، فلدوه به" والقسط العود الهندي وسيأتي قريباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>