للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧٤ - عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال، يوما "أتدرون أين تذهب هذه الشمس؟ " بمثل معنى حديث ابن علية.

٢٧٥ - عن أبي ذر رضي الله عنه قال: دخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس. فلما غابت الشمس قال "يا أبا ذر! هل تدري أين تذهب هذه؟ " قال، قلت: الله ورسوله أعلم. قال "فإنها تذهب فتستأذن في السجود. فيؤذن لها. وكأنها قد قيل لها: ارجعي من حيث جئت. فتطلع من مغربها" قال، ثم قرأ في قراءة عبد الله: (وذلك مستقر لها).

٢٧٦ - عن أبي ذر رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى {والشمس تجري لمستقر لها} [يس: ٣٨] قال "مستقرها تحت العرش".

-[المعنى العام]-

يحرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على إيقاظ الأمة وتوجيهها إلى ربها، وربط الظواهر الطبيعية بخالقها، يخشى أن نركن إلى تتابع الليل والنهار، وأن نظن -بحكم العادة- أن طلوع الشمس وغروبها أمر طبيعي لا مدبر له، ولا حكمة لوجوده، ولا نهاية لامتداده، أو على الأقل نغفل عن ذلك، لا نذكر القاهر الحكيم، اللطيف الخبير. انتهز صلى الله عليه وسلم فرصة غروب الشمس والصحابة معه جلوس في المسجد ينظرون إلى قرصها يغيب من الأفق جزءا بعد جزء، انتهز فرصة تطلع أبي ذر لمعرفة هذا السر، وسؤاله عن معنى قوله تعالى: {والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم} [يس: ٣٨] ولم يشأ أن يقول له وللصحابة: إنها تغيب عنا لتطلع على قوم آخرين، فليس في هذا الجواب ربط بين الخالق والمخلوق، ولم يشأ أن يقول له: إنها لا تغيب عن الكون، فإن هذا الجواب فوق مدارك عقولهم، وهم ما زالوا قريبي عهد بالبادية وأوليات العلوم.

لقد قال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: مستقرها تحت عرش الرحمن، أي ما يخيل إلينا من أنه استقرار لها وغيبة إنما هو تحت العرش، كلمة حق، واجب الإيمان بها، فإن الشمس في جميع حالاتها مستقرة تحت العرش، يحتويها ويحيط بها وبغيرها من الكواكب والسموات السبع.

وبذلك يربط صلى الله عليه وسلم بين حركة الشمس وبين خالقها ومدبرها الحكيم، ثم لا يكتفي

<<  <  ج: ص:  >  >>