(في عنقه السيف) تعليق السيف في العنق يحتاجه الفارس كثيرا، ليكون أعون له على مهامه الأخرى، وهو يشير إلى أنه لم يخرج أعزل مخاطرا، بل مسلحا مقداما.
(وهو يقول: لم تراعوا. لم تراعوا) مرتين، وفي رواية مرة واحدة، و"تراعوا" بضم التاء، مبني للمجهول، مجزوم بحذف النون، يقال: راع، يروع، روعا بفتح الراء، فزع، وراع الأمر فلانا أفزعه، ثلاثي، وأراعه أفزعه أيضا من الرباعي. والمعنى لم يخفكم أحد، وليس في الأمر شيء يفزعكم، وفي الرواية الثانية "ما رأينا من فزع" أي من شيء يفزع، قال النووي:"لم تراعوا" أي روعا مستقرا، أو روعا يضركم. اهـ يجيب بذلك عما قد يقال: كيف، ينفى عنهم الروع، وقد حصل لهم الروع؟ وقد أجبنا بأن النفي موجه إلى سبب الروع، لا إلى الروع نفسه، حتى يجيب بما أجاب، وجوابنا أقرب إلى المراد.
(قال: وجدناه بحرا - أو إنه لبحر - قال: وكان فرسا يبطأ) أي كان فرس أبي طلحة فرسا يتهم بالبطء، ويوصف بسوء السير، وفي الكلام تقديم وتأخير، والأصل: وكان فرس أبي طلحة فرسا يبطأ - بضم الياء وفتح الباء، وجدناه بعد أن ركبه النبي صلى الله عليه وسلم بحرا، أي واسع الخطو، سريع الجري، قال الأصمعي: يقال للفرس: بحر، إذا كان واسع الجري، أو لأن جريه لا ينفد، كما لا ينفد البحر، أي التشبيه بالبحر إما في السعة، وإما في الكثرة وعدم الانقطاع.
وفي الرواية الثانية "وإن وجدنا لبحرا" قال الخطابي: "إن" هي النافية، واللام في "لبحرا" بمعنى "إلا" أي ما وجدناه إلا بحرا، قال ابن التين: هذا مذهب الكوفيين، وعند البصريين "إن" مخففة من الثقيلة، واللام زائدة. وهذه الجملة من مقوله صلى الله عليه وسلم، ثناء على الفرس الذي كانوا يتندرون ببطئه، وفي رواية البخاري "فلما رجع قال: ما رأينا من شيء، وإن وجدناه لبحرا" وفي روايتنا الثانية "ما رأينا من فزع، وإن وجدناه لبحرا".
-[فقه الحديث]-
-[يؤخذ من الحديث]-
١ - من شدة عجلته صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى العدو، قبل الناس كلهم، وتعريض نفسه لمواجهة العدو بمفرده، شجاعته صلى الله عليه وسلم.
٢ - وفيه جواز سبق الإنسان وحده في الكشف عن أخبار العدو، ما لم يتحقق الهلاك.
٣ - واستحباب تقلد السيف في العنق.
٤ - واستحباب تبشير الناس بعدم الخوف، وبث الاطمئنان فيهم إذا ذهب ما يخيف.
٥ - وفيه عظيم بركته صلى الله عليه وسلم ومعجزته في انقلاب الفرس سريعا، بعد أن كان يبطأ.