٣ - ومن الرواية الثانية والثالثة والرابعة إعطاء المؤلفة قلوبهم، وقد سبق، قال النووي: ولا خلاف في إعطاء مؤلفة المسلمين، لكن هل يعطون من الزكاة؟ فيه خلاف، والأصح عندنا أنهم يعطون من الزكاة، ومن بيت المال، والثاني: لا يعطون من الزكاة، بل من بيت المال خاصة، أما مؤلفة الكفار فلا يعطون من الزكاة، وفي إعطائهم من غيره خلاف، الأصح عندنا لا يعطون، لأن الله تعالى قد أعز الإسلام عن التألف، بخلاف أول الأمر، ووقت قلة المسلمين.
٤ - ومن الرواية الخامسة أخذ البخاري أن من تكفل عن ميت دينا، فليس له أن يرجع عن الكفالة، وقد استقر الحق في ذمته، وذلك أن أبا بكر لما قام مقام النبي صلى الله عليه وسلم تكفل لما كان عليه، من واجب أو تطوع، فلما التزم ذلك لزمه أن يوفي جميع ما عليه من دين أو عدة، وكان صلى الله عليه وسلم يحب الوفاء بالوعد، فنفذ أبو بكر ذلك.
وقد وعد بعض الشافعية من خصائصه صلى الله عليه وسلم وجوب الوفاء بالوعد، أخذا من هذا الحديث، قال المهلب: إنجاز الوعد مأمور به، مندوب إليه عند الجميع، وليس بفرض. وقال ابن عبد البر: أجل من قال بوجوبه عمر بن عبد العزيز، وعن بعض المالكية إن ارتبط الوعد بسبب، وجب الوفاء به، وإلا فلا. فمن قال لآخر: تزوج ولك كذا. فتزوج لذلك وجب الوفاء به، وخرج بعضهم الخلاف على أن الهبة هل تملك، بالقبض، أو قبله؟
٦ - وفيه قبول خبر الواحد المعدل من الصحابة، ولو جر ذلك نفعا لنفسه، لأن أبا بكر لم يطلب من جابر شاهدا على صحة دعواه.
٧ - قد يستدل به على جواز حكم الحاكم بعلمه، على احتمال أن أبا بكر كان يعلم هذه العدة، فحكم بعلمه.
٨ - وفيه فضيلة عظمى لأبي بكر، لتحمله ما تحمل صلى الله عليه وسلم، ووفائه بالوعد الذي وعده صلى الله عليه وسلم.