للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

محذوف، أي وإن كان ابن عمتك فاعدل، وقريب من هذا رواية "فقال: يا رسول الله، اعدل وإن كان ابن عمتك" وفي رواية للبخاري "إنه ابن عمتك" قال ابن مالك: يجوز في "إنه" فتح الهمزة وكسرها، لأنها وقعت بعد كلام تام، معلل بمضمون ما صدر بها، فإذا كسرت قدر ما قبلها بالفاء، وإذا فتحت قدر قبلها اللام.

(فتلون وجه نبي الله صلى الله عليه وسلم) أي تغير، وهو كناية عن الغضب، وفي رواية "حتى عرفنا أن قد ساءه ما قال".

(ثم قال: يا زبير، اسق، ثم احبس الماء، حتى يرجع إلى الجدر) أي حتى يصير إلى الجدر، و"الجدر" ضبط في أكثر الروايات بفتح الدال، وفي بعضها بالسكون، وهو الذي في اللغة، وهو أصل الحائط، اهـ.

وهو بفتح الجيم فيهما، ويروى بضم الدال والجيم، جمع جدار، ويروى بكسر الجيم، وهو الجدار، والمراد حتى يرتفع الماء في أصول النخيل، إلى أن يصير إلى حافة الجدار الترابي، الذي يحيطون به النخلة، ليحجز الماء لها، حتى تشرب كثيرا، فتصير به النخلة في مثل حفرة، وفي رواية للبخاري "اسق يا زبير، حتى يبلغ الماء الجدر، ثم أمسك" أي أمسك نفسك عن السقي، وأرسل الماء لجارك.

وحكى الخطابي "الجذر" بسكون الذال، والمراد حتى يبلغ الجذر تمام الشرب، وفي رواية للبخاري "اسق، ثم احبس، حتى يرجع الماء إلى الجدر - واستوعى له حقه" بفتح العين، أي استوعى الرسول صلى الله عليه وسلم للزبير حقه، واستوفاه له.

(قال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} (وفي رواية "والله إن هذه الآية أنزلت في ذلك" بالجزم بدل الظن، وفي رواية "ونزلت {فلا وربك} الآية" قال الحافظ ابن حجر: والراجح رواية الأكثر، وأن الزبير كان لا يجزم بذلك.

وجزم مجاهد والشعبي بأن الآية إنما نزلت فيمن نزلت فيه الآية التي قبلها، وهي قوله تعالى {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم ءامنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} الآية، فروى إسحق بن راهويه في تفسيره بإسناد صحيح عن الشعبي قال: كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة، فدعا اليهودي المنافق إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه علم أنه لا يقبل الرشوة، ودعا المنافق اليهودي إلى حكامهم، لأنه علم أنهم يأخذونها، فأنزل الله هذه الآيات، إلى قوله {ويسلموا تسليما} وروى الكلبي في تفسيره عن ابن عباس، قال: نزلت هذه الآية في رجل من المنافقين، كان بينه وبين يهودي خصومة، فقال اليهودي: انطلق بنا إلى محمد، وقال المنافق: بل نأتي كعب بن الأشرف، فذكر القصة وفيها أن عمر قتل المنافق، وأن ذلك سبب نزول هذه الآيات. قال الطبري: ولا مانع أن تكون قصة الزبير وخصمه، وقعت في أثناء ذلك، فيتناولها عموم الآية.

زاد البخاري "قال ابن جريج: فقال له ابن شهاب "فقدرت الأنصار والناس قول النبي صلى الله عليه وسلم" اسق، ثم احبس، حتى يرجع إلى الجدار "وكان ذلك إلى الكعبين" يعني أنهم لما رأوا أن الجدار

<<  <  ج: ص:  >  >>