للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢ - وأن المساجد تصان عن التطرق إليها لغير ضرورة.

١٣ - جاءت بعض الأحاديث بالأمر بسد الأبواب إلا باب علي رضي الله عنه، فعند أحمد والنسائي بإسناد قوي، عن سعد بن أبي وقاص، قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب الشارعة في المسجد، وترك باب علي" وعند الطبراني في الأوسط برجال ثقات زيادة "فقالوا: يا رسول الله! سددت أبوابنا؟ فقال: ما أنا سددتها ولكن الله سدها" وعن زيد بن أرقم قال: "كان لنفر من الصحابة أبواب شارعة في المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سدوا هذه الأبواب إلا باب علي، فتكلم ناس في ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني والله! ما سددت شيئا ولا فتحته ولكن أمرت بشيء، فاتبعته" أخرجهما أحمد والنسائي والحاكم ورجاله ثقات وعن ابن عباس قال: "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبواب المسجد، فسدت، إلا باب علي" وفي رواية "وأمر بسد الأبواب غير باب علي، فكان يدخل المسجد وهو جنب، ليس له طريق غيره" أخرجها أحمد والنسائي، ورجالهما ثقات وعن جابر بن سمرة قال" أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب كلها غير باب علي، فربما مر فيه وهو جنب" أخرجه الطبراني وعن ابن عمر قال: "كنا نقول في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم: رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس ثم أبو بكر ثم عمر ولقد أعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال لأن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم: زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته، وولدت له وسد الأبواب إلا بابه في المسجد، وأعطاه الراية يوم خيبر" أخرجه أحمد، وإسناده حسن، وعند النسائي نحوه وقال فيه: "وأما علي فلا تسأل عنه أحدا، وانظر إلى منزلته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سد أبوابنا في المسجد وأقر بابه" ورجاله رجال الصحيح إلا العلاء وقد وثقه يحيى بن معين وغيره.

قال الحافظ ابن حجر: وهذه الأحاديث يقوي بعضها بعضا، وكل طريق منها صالح للاحتجاج به فضلا عن مجموعها قال: وقد أورد ابن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات أخرجه من حديث سعد بن أبي وقاص وزيد بن أرقم وابن عمر مقتصرا على بعض طرقه عنهم وأعله ببعض من تكلم فيه من رواته قال الحافظ: وليس ذلك بقادح لما ذكرت من كثرة الطرق، وأعله أيضا بأنه مخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة في باب أبي بكر وزعم أنه من وضع الرافضة قابلوا به الحديث الصحيح في أبي بكر. اهـ.

قال الحافظ: وأخطأ في ذلك خطأ شنيعا، فإنه سلك في ذلك رد الأحاديث الصحيحة بتوهمه المعارضة مع أن الجمع بين القصتين ممكن، وقد أشار إلى ذلك البزار في مسنده فقال: ورد من روايات أهل الكوفة بأسانيد حسان في قصة علي وورد من روايات أهل المدينة في قصة أبي بكر، فإن ثبتت روايات أهل الكوفة فالجمع بينهما بما دل عليه حديث أبي سعيد الخدري، الذي أخرجه الترمذي "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لأحد أن يطرق هذا المسجد جنبا غيري وغيرك" والمعنى أن باب علي كان إلى جهة المسجد، ولم يكن لبيته باب غيره، فلذلك لم يؤمر بسده، ومحصل الجمع أن الأمر بسد الأبواب وقع مرتين، ففي الأولى استثنى باب علي، لما ذكره وفي الثانية استثنى باب أبي بكر ولكن لا يتم ذلك إلا بأن يحمل ما في قصة "علي" على الباب الحقيقي، وما في قصة أبي بكر على الباب المجازي، والمراد به الخوخة، كما صرح به في بعض طرقه، وكأنهم لما أمروا بسد الأبواب سدوها وأحدثوا خوخا، يستقربون بها الدخول إلى المسجد،

<<  <  ج: ص:  >  >>