والزبير، لانشغال الآخرين بالحركة ومتابعة الكافرين، وأحيانا ترى العدد الكبير الذي عاد حول قيادته بعد الفرار.
لكن الزبير بن العوام امتاز بميزة أخرى يوم الأحزاب، وكان يهود بني قريظة قد نقضوا العهد وتعاونوا مع الأحزاب وطلب الرسول صلى الله عليه وسلم من صحابته أن يتطوع أحدهم بالدخول في بني قريظة يتحسس أخبارهم وتحركاتهم، قال: من يأتيني بخبر القوم وله الجنة؟ فسكتوا خوفا من غدر اليهود والوقت وقت حرب فقال الفارس الشجاع الزبير بن العوام: أنا يا رسول الله وأعاد الرسول صلى الله عليه وسلم الطلب: من يأتيني بخبر القوم وله الجنة؟ فسكتوا إلا الزبير فقال: أنا يا رسول الله. وأعاد الرسول صلى الله عليه وسلم الطلب ثالثا فلم يجب إلا الزبير قال: أنا يا رسول الله. قال له صلى الله عليه وسلم: توكل على الله، فداك أبي وأمي، وأخذ الفارس الشجاع يتجول بين المسلمين وبين بني قريظة يتظاهر بالحراسة وهو يتجسس للمسلمين ويتحسس تحركات اليهود ويأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بأخبارهم، حينئذ قال صلى الله عليه وسلم "لكل نبي حواري" أي ناصر ومخلص "وحواري الزبير".
-[المباحث العربية]-
(لم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض تلك الأيام، التي قاتل فيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير طلحة وسعد) أي طلحة بن عبيد الله وستأتي قصته وسعد بن أبي وقاص وقد سقت قصته في الباب السابق والمراد ببعض تلك الأيام هنا يوم أحد وهو يوم من أيام القتال مع الكفار، أي غزوة من الغزوات.
(عن حديثهما) هذا قول أبي عثمان يعني به أن طلحة وسعدا هما اللذان حدثاه بذلك وهو تابعي لم يشهد الواقعة فمن أين له علم ذلك؟ يوضح ذلك ما عند أبي نعيم في المستخرج في هذا الحديث "قال سليمان (الراوي عن أبي عثمان) فقلت لأبي عثمان: وما علمك بذلك؟ قال: عن حديثهما".
(ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس يوم الخندق) أي دعاهم للجهاد، وحرضهم عليه.
(فانتدب الزبير) أي أجاب الزبير، فالزبير فاعل، يقال: ندبته فانتدب، أي دعوته فأجاب.
(ثم ندبهم فانتدب الزبير) أي طلب منهم، فأجاب الزبير، وتشرح رواية البخاري الواقعة فتقول: عن جابر رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا. ثم قال من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا. ثم قال: من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا. ثم قال إن لكل نبي حواريا وإن حواريي الزبير" وكان بنو قريظة قد نقضوا العهد، وأيدوا الأحزاب فأراد صلى الله عليه وسلم أن يعلم أخبارهم وتحركاتهم فطلب من الصحابة من يقوم بهذه المهمة فخاف الصحابة من غدر اليهود، فسكتوا وأجاب الزبير وقام بفرسه يجوب المنطقة ويدرس التحركات فيها، وتحكي الرواية الثالثة هذه الطليعة.