ولوضوح الرؤية، وأن هذه الثروة الهائلة كانت نتيجة سعي وكفاح لبناء الحياة الدنيا متوازنة مع السعي والكفاح الأخروي نسوق حديث البخاري عن زوجته أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما وكانت قد تزوجها بمكة وهاجرت إلى المدنية وهي حامل بابنها عبد الله قالت:"تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك، ولا شيء، غير ناضح" أي جمل لسقي الماء "وغير فرسه فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء وأخرز غربه" أي دلوه "وأعجن وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي وهي مني على ثلثي فرسخ قال: حتى أرسل لي أبو بكر بعد ذلك بخادم يكفيني سياسة الفرس فكأنما أعتقني".
(فائدة) جمع النووي في تبويب شرحه لصحيح مسلم بين طلحة والزبير رضي الله عنهما تحت باب واحد، وتبعناه في ذلك ولعله لاحظ ما جاء من أن النبي صلى الله عليه وسلم لما آخى بين أصحابه بمكة قبل الهجرة آخى بين طلحة والزبير ولعله لاحظ اشتراكهما في كثير من الفضائل فكل منهما أحد العشرة وأحد الستة، وأحد السابقين وأحد أصحاب الدور البارز في الجهاد، وفي الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل وفي دورهما مع عثمان ومع علي، وفي طريقة وأسباب مقتلهما رضي الله عنهما وكان من المقبول ضم طلحة إلى سعد بن أبي وقاص، لجمعهما في الرواية الأولى، كما كان من المقبول تخصيص باب لكل منهما.
-[ويؤخذ من أحاديث الباب فوق ما تقدم]-
١ - فضيلة طلحة لدوره في غزوة أحد.
٢ - فضيلة الزبير لدوره في غزوة الخندق.
٣ - من الرواية الثالثة قال النووي: وفي هذا الحديث دليل لحصول ضبط الصبي وتمييزه، وهو ابن أربع سنين فإن ابن الزبير ولد عام الهجرة في المدينة وكان الخندق سنة أربع من الهجرة على الصحيح فيكون له وقت ضبطه لهذه القضية دون أربع سنين وفي هذا رد على ما قاله جمهور المحدثين أنه لا يصح سماع الصبي حتى يبلغ خمس سنين، والصواب صحته، متى حصل التمييز، وإن كان ابن أربع أو دونها. اهـ.
قال الحافظ ابن حجر: المقصود أن البلوغ ليس شرطا في التحمل وقال يحيى بن معين: أقل سن التحمل خمس عشرة سنة فبلغ ذلك أحمد فقال: بل إذ عقل ما يسمع وهذا هو المعتمد فالتحمل لا يشترط فيه كمال الأهلية، وإنما يشترط عند الأداء ويلحق بالصبي في ذلك العبد والفاسق والكفار.
٤ - وفي ضبط ابن الزبير وجودته لهذه القضية مفصلة، في هذا السن منقبة لابن الزبير.
٥ - وفي الرواية الرابعة إثبات التمييز في الجماد.
٦ - وجواز التزكية والثناء على الإنسان في وجهه، إذا لم يخف عليه فتنة، بإعجاب ونحوه.
٧ - وفي الرواية السادسة جواز التعبير عن الجد بالأب.