لاستقبال الفجيعة وإعلامها بالمصيبة قبل حصولها فأسر إليها أنه يتوقع حضور الأجل في هذا المرض فبكت بكاء شديدا فأسر إليها أنها أول أهله لحوقا به فسرت كثيرا وضحكت رضي الله عنها وأرضاها.
-[المباحث العربية]-
(إن بني هاشم بن المغيرة) كذا وقع عند مسلم "بني هاشم" وعند البخاري "بني هشام" قال الحافظ ابن حجر: والصواب "هشام" لأنه جد المخطوبة. اهـ.
وبنو هشام هم أعمام بنت أبي جهل لأنه أبو الحكم عمرو بن هشام بن المغيرة وقد أسلم أخواه الحارث بن هشام وسلمة بن هشام عام الفتح وحسن إسلامهما وقد خطب علي رضي الله عنه بنت أبي جهل من عمها الحارث بن هشام فقال له: لا نزوجك على فاطمة إلا أن يأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم والظاهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأذن له ثم خطب الناس يبين سبب عدم إذنه لئلا تذهب النفوس مذاهب غير سليمة فسبب الخطبة استئذان بني هشام وقيل: إن سبب الخطبة ما أشيع عن خطبة علي ابنة أبي جهل قبل أن يستأذن بنو هشام ففي روايتنا الرابعة عن الزهري عن علي بن الحسين "أن علي خطب بنت أبي جهل على فاطمة فلما سمعت بذلك فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن قومك يتحدثون أنك لا تغضب لبناتك" وفي رواية ابن حبان "إن الناس يزعمون أنك لا تغضب لبناتك""وهذا علي ناكحا ابنة أبي جهل" كذا في مسلم "ناكحا" بالنصب على الحال وأطلقت عليه وصف "ناكح" مجازا على سبيل مجاز المشارفة أي مشرف على النكاح وقيل: على سبيل تنزيل غير الواقع المصمم على وقوعه منزلة الواقع فقام النبي صلى الله عليه وسلم فخطب على المنبر"
(استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب) وقد أخرج الحاكم أن عليا رضي الله عنه استشار النبي صلى الله عليه وسلم بشأنها بعد أن خطبها من عمها سأله عنها فقال له صلى الله عليه وسلم: أعن حسبها تسألني؟ فقال: لا ولكن أتأمرني بها؟ قال: لا. فاطمة مضغة مني ولا أحسب إلا أنها تحزن أو تجزع فقال علي: لا آتي شيئا تكرهه" قال الحافظ ابن حجر: ولعل هذا الاستئذان وقع بعد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بما خطب ولم يحضر على الخطبة المذكورة فاستشار فلما قال له: لا لم يتعرض بعد ذلك لطلبها ولهذا جاء في رواية "فترك علي الخطبة" وفي رواية "فسكت علي عن ذلك" اهـ. قلت: ولا مانع من كون الخطبة بعد استشارة علي رضي الله عنه وبعد وعده بعدم الزواج منها إذ لم تكن الخطبة لمنع علي وإنما كانت لبيان الحكم والحكمة قطعا لنشر الخبر وتأويلاته. والله أعلم.
واختلف في اسم ابنة أبي جهل فقيل جويرية وهذا الأشهر وقيل العوراء وقيل" الحنفاء وقيل جرهمة وقيل: جميلة.
(فلا آذن لهم ثم لا آذن لهم ثم لا آذن لهم) كرر ذلك ثلاثا للتأكيد أو لرفع المجاز وأن يكون عدم الإذن مؤقتا و"لا" نافية والفاء في جواب شرط مقدر أي إذا كانوا يستأذنون فلا آذن.
(إلا أن يحب ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم) الاستثناء مفرغ من