للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وإني أتخوف أن تفتن في دينها) فتقع منها المعصية بسبب الغيرة، يعني أنها لا تصبر على الغيرة فيقع منها في حق زوجها في حال الغضب ما لا يليق بحالها في الدين وفي الرواية الرابعة "وإني أكره أن يفتنوها".

(ثم ذكر صهرا له من بني عبد شمس) هو أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف، أمه هالة بنت خويلد أخت خديجة تزوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من رجال مكة المعدودين مالا، وأمانة وتجارة أسلمت زينب ولم يسلم حارب في صفوف الكفار يوم بدر فكان من الأسرى ولما بعثت قريش فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقلادة لها، كانت أمها خديجة أدخلتها بها على أبي العاص فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة وقال للمسلمين: إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها قلادتها؟ ففعلوا فاشترط عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرسل زينب إلى المدينة وأن يخلي سبيلها فوفي وفعل.

وفي جمادى سنة ست من الهجرة خرج أبو العاص بن الربيع في عير لقريش إلى الشام فبعث النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة في سبعين ومائة راكب فلقوا العير بناحية العيص وفيهم أبو العاص فقالوا له: يا أبا العاص إنك في شرف من قريش وأنت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل لك أن تسلم فتغنم ما معك من أموال أهل مكة؟ قال: بئسما أمرتموني به أن أنسخ ديني بغدرة، فأسروه وجماعة وأخذوا العير وعادوا إلى المدينة وربط الأسرى بالمسجد وعلمت به زينب فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح نادت زينب: إني أجرت أبا العاص بن الربيع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل سمعتم ما سمعت؟ قالوا: نعم. قال: والذي نفس محمد بيده ما علمت شيئا مما كان حتى سمعت وإنه يجير على المسلمين أدناهم وقد أجرنا من أجارت ثم أمرها أن لا يقربها، فطلبت أن يرد على أبي العاص ما كان في القافلة ففعل فمضى أبو العاص إلى مكة فأدى الحقوق لأهلها ثم قام فقال: يا أهل مكة هل أوفيت ذمتي لكم؟ قالو: اللهم نعم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ثم قدم المدينة مهاجرا قبل الفتح بقليل فدفع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجته.

رزق أبو العاص من زينب ولدا يسمى عليا مات في حياة أبيه وقد ناهز الاحتلام وبنتا تسمى أمامة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحملها في صلاته وعاشت حتى تزوجها علي رضي الله عنه بعد وفاة خالتها فاطمة وتوفي أبو العاص في خلافة أبي بكر سنة اثنتي عشرة من الهجرة.

(فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن قال: حدثني فصدقني ووعدني فأوفى لي) الصهر يطلق على الزوج وأقاربه وأقارب المرأة وهو مشتق من صهرت الشيء وأصهرته إذا قربته والمصاهرة مقاربة بين الأجانب والمتباعدين وقوله "فأحسن" أي أحسن الثناء عليه، وكان مما قال في ثنائه: حدثني فصدقني، يشير بذلك إلى ما مضى في القصة عند فك أسره ببدر وأنه لن يسلم حتى يعتقد ويصدق، ومع ذلك أحسن عشرة زينب وأحبها وأرادت قريش منه أن يطلقها فأبى ومما قاله صلى الله عليه وسلم في ثنائه "ووعدني فأوفى لي" إشارة إلى ما سبق في القصة من وفائه بإخلاء سبيل زينب، ووفائه بالإسلام بعد أن يؤدي لقريش حقوقها.

(وإني لست أحرم حلالا، ولا أحل حراما) بعدم إذني لعلي أن يتزوج على فاطمة أي لا

<<  <  ج: ص:  >  >>