للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"قالت: فقلت" وقد أخرجه النسائي بلفظ "فقلن" و"لحاقا" بفتح اللام وهو منصوب على التمييز وفي رواية البخاري "لحوقا" و"يدا" منصوب على التمييز أيضا وكان المناسب أن يقول "طولاكن" لكنه عبر بما يعبر عنه عن المذكر تعظيما.

(فكن يتطاولن. أيتهن أطول يدا) أي ظنن أن المراد بطول اليد طول اليد الحقيقية، فكن يذرعن أيديهن بقصبة أو على الحائط وفي رواية البخاري "فأخذوا قصبة يذرعونها" أي لترى أعينهن بالمقياس أيتهن أطول يدا.

(قالت: فكانت أطولنا يدا زينب) بنت جحش وفي الكلام طي وحذف والأصل وكانت سودة أطولنا يدا حقيقية فلما توفيت زينب وكانت أولنا لحوقا به صلى الله عليه وسلم كانت هي أطولنا يدا أي أكثرنا عطاء أي علمنا أن مراده صلى الله عليه وسلم طول اليد في الصدقة وفعل الخير وأهل اللغة يقولون: فلان طويل اليد وطويل الباع إذا كان سمحا جوادا وضده قصر اليد وقصير الباع.

وقد فسرت رواية الحاكم هذا المراد ولفظها "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه: أسرعكن لحوقا بي أطولكن يدا قالت عائشة: فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم نمد أيدينا في الجدار نتطاول فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش وكانت امرأة قصيرة ولم تكن أطولنا فعرفنا حينئذ أن النبي صلى الله عليه وسلم أن أراد بطول اليد الصدقة وكانت زينب امرأة صناعة باليد وكانت تدبغ وتخرز - أي وتبيع - وتصدق في سبيل الله".

وقد أوهمت رواية البخاري خلاف الصواب ولفظها "فكانت سودة أطولهن يدا فعلمنا بعد أنما كانت طول يدها الصدقة وكانت أسرعنا لحوقا به وكانت تحب الصدقة"

قال ابن الجوزي: هذا الحديث غلط من بعض الرواة اهـ. وقد أجمع أهل السير على أن زينب أول من مات من أزواجه فقوله عن سودة "وكانت أسرعنا لحوقا به" غير صواب والمعروف أن زينب ماتت سنة عشرين وأن عمر صلى عليها أما سودة فقد ماتت بعدها في آخر خلافة عمر على المشهور وحاول العلماء توجيه رواية البخاري فمنهم من وجهها بتقدير محذوفات أي قالت عائشة: فأخذوا قصبة يذرعونها، فكانت سودة أطولهن يدا على الحقيقة فعلمنا بعد أنما المراد طول اليد بالصدقة أي بعد وفاة زينب، وكانت - أي زينب - أسرعنا لحوقا به، ففي الرواية حذف وقد خلفت الضمائر مع الحذف هذا الإيهام قال الزين بن المنير: قولها "فعلمنا بعد" يشعر إشعارا قويا أنهن حملن طول اليد على ظاهره، ثم علمن بعد ذلك خلافه وأنه كناية عن كثرة الصدقة والذي علمنه أخيرا خلاف ما اعتقدنه أولا. اهـ.

وقد جمع الطيبي بين الحديثين فقال: يمكن أن يقال فيما رواه البخاري: المراد الحاضرات من أزواجه دون زينب فلم تكن حاضرة وكانت سودة أولهن موتا قال الحافظ ابن حجر: لكن يعكر على هذا أن في رواية ابن حبان "أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم اجتمعن عنده لم تغادر منهن واحدة" والتحقيق أن في رواية البخاري وهما من الرواة.

<<  <  ج: ص:  >  >>