(انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم أيمن فانطلقت معه) الظاهر أن هذا الانطلاق كان لمجرد زيارتها فقد كان صلى الله عليه وسلم يزورها كثيرا كما هو صريح الرواية الثانية وكان خادمه أنس يصحبه في أغلب الزيارات.
(فناولته إناء فيه شراب) أي فلم يأخذه ولم يشرب منه وكان قصدها إكرامه وتحيته وفي بعض الروايات "فقربت إليه لبنا".
(فلا أدري أصادفته صائما؟ أو لم يرده) أي لا يدري أنس سر إحجامه صلى الله عليه وسلم عن الشرب لأنه صلى الله عليه وسلم لم يبن عنه لأم أيمن ولم يكن يعلم أنس حاله إذ كان صلى الله عليه وسلم كثير الصوم دون أن يخبر عن صومه والغالب أنه كان صائما ومن المستبعد أن يعاف شرابها فهي حاضنته ومربيته.
(فجعلت تصخب عليه) أي تصيح وترفع صوتها عليه تنكر عليه رفض الشراب وتلح عليه أن يشرب.
(وتذمر عليه) بفتح التاء والذال وتشديد الميم وأصله تتذمر حذفت إحدى التاءين تخفيفا والتذمر الكلام بغضب يقال: ذمر يذمر كقتل يقتل إذا غضب وإذا تكلم بالغضب، وكان هذا منها دلالا عليه صلى الله عليه وسلم وكان يتقبل مثل هذا منها وفاء بحقها وكان يقول "أم أيمن أمي بعد أمي".
(قال أبو بكر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: انطلق بنا إلى أم أيمن، نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها) هذا من قبيل الوفاء للميت، وإكرامه، فتكريم من كان يكرمه من باب الإحسان إليه.
(فقالا لها: ما يبكيك؟ ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم) القائل واحد منهما وأسند القول إليهما لموافقة الثاني ورضاه وقد ظنا أن بكاءها أسفا على موت الرسول صلى الله عليه وسلم وحزنا على فراقه فصبراها بما قالا.
(ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء) الكلام معطوف على محذوف والتقدير: لا أبكي أسفا وحزنا على فراقه صلى الله عليه وسلم فأنا أعلم أنه فارقنا إلى ما هو خير له ولكن أبكي انقطاع الوحي من السماء إلى الأرض وكان في نزوله الرحمة ووصلنا بالسماء.