جعفر بن أبي طالب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، كان أشبه الناس خلقا وخلقا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أكبر من علي أخيه بعشر سنين، وكان عقيل أكبر من جعفر بعشر سنين، وكان طالب أكبر من عقيل بعشر سنين. كان جعفر من المهاجرين الأولين، هاجر إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية، وقدم منها على رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب انتصار خيبر، فتلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، واعتنقه، وقال:"ما أدري بأيهما أنا أشد فرحا؟ بقدوم جعفر؟ أم بفتح خيبر؟ " ثم غزا غزوة مؤتة قائدا لها، في سنة ثمان من الهجرة، فقتل. قاتل حتى قطعت يداه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله أبدله بيديه جناحان يطير بهما في الجنة، حيث شاء" فمن هنا قيل له: جعفر ذو الجناحين، روي أنه وجد في صدره تسعون جراحة، ما بين ضربة بالسيف وطعنة بالرمح، ولما بكى أهله عليه، قال صلى الله عليه وسلم:"على مثل جعفر فلتبك البواكي".
أما أسماء بنت عميس بن معد - على وزن سعد - أسلمت قديما، قبل دخول دار الأرقم، وبايعت وهاجرت مع زوجها جعفر بن أبي طالب إلى الحبشة، فولدت له هناك عبد الله ومحمدا وعونا، ثم هاجرت مع زوجها إلى المدينة، فلما استشهد جعفر في غزوة مؤتة تزوجها أبو بكر الصديق رضي الله عنه يوم حنين، فولدت له محمدا، ثم مات عنها، فتزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فولدت له يحيى بن علي بن أبي طالب. رضي الله عنها.
-[المباحث العربية]-
(بلغنا مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن باليمن) أي خروجه من مكة إلى المدينة، أي هجرته صلى الله عليه وسلم، وليس المراد: بلغنا مبعثه، إذ يبعد كل البعد أن يتأخر علم مبعثه إلى مضي نحو عشرين سنة، ومع الحمل على مخرجه إلى المدينة، فلا بد من زيادة: واستقراره فيها، وانتصافه ممن عاداه، ونحو ذلك، لأن هجرة أبي موسى المتحدث عنها كانت بعد اطمئنان المهاجرين في إقامتهم بالمدينة. وبعد ست سنين من هجرته صلى الله عليه وسلم، ويبعد أيضا أن يخفى عنهم أحوال المؤمنين في هذه المدة، وقوله "ونحن باليمن" أي في ديارنا باليمن.
(فخرجنا مهاجرين إليه) الضمير لأبي موسى ومن خرج معه، وأبدل من هذا الضمير.
(أنا وأخوان لي، أنا أصغرهما، أحدهما أبو بردة، والآخر أبو رهم) قال النووي: هكذا هو في النسخ "أصغرهما" والوجه "أصغر منهما" وفي رواية للبخاري "أنا أصغرهم"، وأبو بردة اسمه عامر، وأبو رهم بضم الراء وسكون الهاء، اسمه مجدي بفتح الميم وسكون الجيم، وقيل: اسمه محمد، وقيل: اسمه مجيلة، بكسر الجيم.